للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أهل سوبرابي أخاه راميرو أمير أراجون، ليخلفه في حكم الولاية، وبذا اتحدت الإمارتان في مملكة واحدة، ولم يعارض راميرو أحد من إخوته، إذ كان فرناندو ملك قشتالة مشغولا بتنظيم مملكته الكبيرة وتقويتها، وكان غرسية ملك نافار، غائباً يحج إلى رومة، وفضلا عن ذلك فقد كان شعب سوبرابي هو الذي اختار راميرو وآثره.

يقول المؤرخ لافونتي: " وكأنما كان روح الطمع والحسد والمنافسة، متأصلا في أسرنا الملوكية، ولم يفعل سانشو الكبير بتقسيم المملكة سوى أن زاد جراثيم الشقاق والموت " (١).

ذلك أن راميرو لم يقنع بالاستيلاء على ولاية سوبرابي، بل أخذ يطمح إلى الاستيلاء على مملكة نافار نفسها. ولما كانت موارده وأهباته قاصرة عن تحقيق مشروعه الكبير، فقد عقد مع جاره المسلم ابن هود أمير سرقسطة، حلفاً أمده بمقتضاه ببعض قواته، ثم زحف راميرو في قواته المتحدة من النصارى والمسلمين إلى نافار، واقتحم حدودها فجأة، ولكن قلعة تافالا اعترضت سيره المظفر. ولم يكن غرسية يتوقع من أخيه مثل هذا الاجتراء، فحشد قواته على عجل، خلال الوقت الذي استغرقه حصار القلعة، وسار إلى تافالا، فانقض بقواته على الجيش المغير تحت جنح الظلام، وكانت مفاجأة أخذ بها الأرجونيون، فساد بينهم الاضطراب، ومزقت صفوفهم قبل أن يستعدوا للقتال ولم يتمكن راميرو من الخلاص إلا بصعوبة ففر ناجياً بنفسه مع نفر من صحبه، وأبيد معظم جيشه قتلا وأسراً، وقتل كذلك معظم حلفائه المسلمين، ووقعت هذه الموقعة الحاسمة فيما يبدو سنة ١٠٤٢ م.

ولجأ راميرو إلى شعب الجبال الوعرة في سوبرابي خشية المطاردة، بيد أن غرسية قنع فيما يبدو بنصره والقضا على جيش أخيه، ولم يحاول مطاردته داخل بلاده، وأنفق راميرو بضعة أعوام في تنظيم شئونه، والنهوض من عثرته، وأنشأ جيشاً جديداً، وسوف نراه فيما بعد يخوض معترك الحوادث مرة أخرى.

ثم اتخذت الحوادث وجهة أخرى، وانتقل ميدان الصراع إلى الجانب الآخر من اسبانيا النصرانية بين نافار وقشتالة. وكان غرسية ملك نافار، وهو أكبر


(١) Modesto Lafuente: Historia general de Espana (Madrid ١٨٦١) V.II.p. ٤٣٣

<<  <  ج: ص:  >  >>