للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أوراكا، رسلها على عجل، بالخبر سراً، قبل أن يقف عليه المأمون بن ذى النون.

وهنا تختلف الرواية، فيقال إن ألفونسو حينما وقف على النبأ أخفاه عن المأمون، وحاول أن يغادر طليطلة خلسة، خشية أن يرغمه المأمون على أن يقطع عهوداً ضارة، ففطن المأمون إلى محاولته وأراد اعتقاله، ولكنه نجح في الفرار، وهذه رواية ضعيفة. والحقيقة، وهي ما تؤيده الروايات الوثيقة، هو أن ألفونسو أبلغ النبأ في الحال إلى المأمون، فأعرب له المأمون عن سروره وغبطته، وأبدى له استعداده لإمداده بكل ما يرغب من مال وخيل أو غيرها، ولم يطلب إليه سوى صداقته، وأن يقطع له عهداً بأن يحترم مملكته، وأن يعاونه ضد خصومه المسلمين، وأن يسرى هذا العهد بعد وفاته بالنسبة لولده الأكبر، فقطع له ألفونسو ما شاء من عهود، وقدم المأمون إليه طائفة من الهدايا الجليلة، وصحبه مع أكابر مملكته في موكب فخم حتى وصل إلى حدود بلاده (١).

يقول المؤرخ لافونتي: " وكان للمأمون ولد آخر أصغر من أخيه لم يشمله هذا العهد، لسبب لا نعرفه ". ثم يعلق فيما بعد على تصرف المأمون نحو ضيفه بقوله: " إن ما أغدقه المأمون على ألفونسو من ضروب الرعاية والإكرام وقت محنته، يباين كل التباين تصرف أخيه سانشو نحوه، فهذا يسجن أخاه في حصن أو دير. وهذا الأمير المسلم، يتلقاه في قصره، ويعامله كولده، ويخصص بستانه لرياضته. ولما خلا عرش قشتالة بممالكه الثلاث، عاون ألفونسو بكل سخاء وإكرام، ليسير إلى تلقى العروش التي كانت في انتظاره، ولم يطلب منه لقاء ذلك شيئاً سوى صداقته. إن تصرف المأمون على هذا النحو يكشف لنا عن العواطف الكريمة التي يجيش بها هذا الجنس العربي " (٢).

- ٢ -

سار ألفونسو إلى سمورة حيث اجتمع بأخته أوراكا، وبمن وافاه هنالك من الأساقفة والأشراف من ليون وجليقية، وبحث الوسائل التي تكفل له اعتلاء عرش قشتالة دون صعوبة. ذلك أن معظم الأشراف وأغلبية الشعب، كانت تنسب مقتل سانشو جهاراً إلى أوراكا، ناصحة ألفونسو، وملهمته، ومن ثم فإنه


(١) راجع: M.Lafuente: ibid ; Vol.II.p ٣٩٨-٤٠٠.
و R.M.Pidal: ibid ; p. ١٨٩ & ١٩٠
(٢) M٠Lafuente: ibid ; Vol.II.p. ٤٣٨

<<  <  ج: ص:  >  >>