للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الحجاز ". ونحن نعرف من حياة الغزالي أن ذلك كان في سنة ٤٨٨ هـ (١).

وكذلك حصل ابن العربي من العلامة أبى بكر الطرطوشي، حين مروره على ثغر الإسكندرية، وهو في طريق العودة، على خطاب آخر برسم أمير المسلمين يوسف. ويسدي الطرطوشي في كتابه النصح إلى يوسف بأن يحكم بالحق وفقاً لكتاب الله، وأن يكون شفيقاً على رعيته شفقة الرجل على أهله، وأن يعمل لإقامة الصلاة وإيتاء الزكاة والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر. ويجري الطرطوشي في إسداء نصحه على طريقته في إيراد الآيات القرآنية والأحاديث النبوية، وأقاصيص الخلفاء والصحابة (٢).

وتوفي الفقيه ابن العربي في ثغر الإسكندرية في فاتحة سنة ٤٩٣ هـ (٣)، وعاد ابنه أبو بكر دونه إلى الأندلس في نفس العام، وهو يحمل الرسالتين - رسالة الغزالي ورسالة الطرطوشي - وكذلك مرسوم الخليفة المستظهر إلى عاهل المرابطين.

وهكذا يبدو أنه مما لا مراء فيه، أن مؤسس الدولة المرابطية الكبرى، كان ينضوي من الناحية السياسية تحت لواء الخلافة العباسية وأنه كان يُدعى حتى قبل صدور هذا التقليد في الخطبة ليوسف بعد الدعاء للخليفة العباسي، في سائر نواحي المغرب والأندلس. وسنرى فيما بعد كيف أن هذه الرعاية الأدبية العباسية للدولة المرابطية، تمتد إلى ما بعد عهد يوسف، وأن الخليفة العباسي يسبغ في مراسلاته على عاهل المرابطين بعض الألقاب الخاصة.

- ٢ -

عرفنا فيما سبق كيف آلت إمارة المغرب إلى يوسف بن تاشفين، مذ عهد إليه بشئونه ابن عمه الأمير أبو بكر اللمتوني في سنة ٤٥٣ هـ (١٠٦١ م)، وكيف ارتد هذا الأمير إلى الصحراء وهنالك توفي، وخلصت إمارة المغرب نهائياً ليوسف، وقامت الدولة المرابطية الكبرى، بالمغرب والأندلس، في ظل عاهلها الكبير.


(١) ورد نص خطاب الغزالي في مخطوط المكتبة الكتانية المشار إليه (لوحات ١٣٠ - ١٣٣) وقد نشرناه كاملا في باب الوثائق.
(٢) ورد نص خطاب الطرطوشي في المخطوط المشار إليه (لوحة ١٣٣ و ١٣٤).
(٣) نفح الطيب ج ١ ص ٣٣٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>