للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

محمداً بن أبى بكر اللمتوني، وعين لولاية المغرب أبا عبد الله محمداً بن الحاج، فلبث والياً على فاس وسائر أنحاء المغرب زهاء ستة أشهر. ثم عينه علي لولاية بلنسية وشرقي الأندلس، ومن بلنسية، سار ابن الحاج في القوات المرابطية إلى سرقسطة ودخلها في سنة ٥٠٢ هـ (١١٠٩ م) حسبما نفصل بعد (١).

ولما عاد علي إلى المغرب، كتب في أوائل سنة ٥٠١ هـ إلى أخيه تميم والي غرناطة، وقائد الجيوش المرابطية بالأندلس، أن يستأنف الجهاد، وأن يغزو أرض النصارى. وقد كانت غرناطة يومئذ قاعدة الحكم المرابطي في الأندلس بعد قرطبة.

والظاهر أن هذا الاختيار كان يرجع لأسباب استراتيجية تتعلق بموقع غرناطة، وإنما كتب علي لأخيه ولم يعبر إلى الأندلس، حسبما يبدو من أقوال صاحبي الحلل الموشية وروض القرطاس. فإنه يبدو من الرواية الأولى (٢)، أن علياً لم يعبر عبوره الثاني إلى الأندلس إلا في سنة ٥٠٣ هـ (١١١٠ م). وتمر الرواية الثانية على مسألة جواز على بالصمت. ويؤيد ذلك بنوع خاص رسالة كتب بها الأمير تميم إلى أخيه علي عقب الموقعة التي نشبت بينه وبين النصارى، وهي رسالة سوف نتحدث عنها فيما بعد.

ولم يصدر علي أمره باستئناف الغزو والجهاد عفواً، فقد كان ثمة ما يبرره ويستدعيه. ذلك أنه لما مرض أمير المسلمين يوسف بن تاشفين في سنة ٤٩٨ هـ، وذاع أمر مرضه في الأندلس، ونقلت عن الأحوال في المغرب والأندلس إلى قشتالة أقوال وصور زائفة، اعتقد ألفونسو السادس ملك قشتالة الشيخ أن الفرصة قد سنحت ليستأنف غزواته في أراضي المسلمين، فبعث حملة من نحو ثلاثة آلاف وخمسمائة مقاتل، سارت نحو أحواز إشبيلية، وعاثت فيها، واستولت على كثير من الغنائم والسبي، فخرج الأمير سير بن أبى بكر والي إشبيلية في قواته لرد الغزاة، ولحقت به عساكر غرناطة بقيادة أبى عبد الله بن الحاج واليها يومئذ، وطارد المسلمون القشتاليين، وردوهم على أعقابهم، وقتلوا منهم نحو ألف وخمسمائة (٣)، ولما تولى علي بن يوسف الملك بعد ذلك بقليل، لم ينس أمر هذا


(١) روض القرطاس ص ١٠٣، والبيان المغرب (الأوراق المخطوطة هسبيرس ص ٦٧، و ٦٨).
(٢) الحلل الموشية ص ٦٣.
(٣) البيان المغرب (الأوراق المخطوطة المشار إليها - هسبيرس ص ٦٤ و ٦٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>