للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ابن يوسف، فكتب إلى أمراء الأندلس بالمسير إلى أخيه تميم، وكان والياً على شرق الأندلس، ليسيروا معه لاستنقاذ سرقسطة ولاردة، فقدِم على تميم، عبد الله بن مزدلي، وأبو يحيى بن تاشفين صاحب قرطبة، بعساكرهما، فخرج تميم بن يوسف من بلنسية مع أمراء لمتونة، فقصد نحو لاردة، وكان بينه وبين ألفنش قتال عظيم، أقلعه عن لاردة خاسئاً خاسراً بعد أن بذل جهده في قتالها، وفقد عليها من جيوشه ما يزيد على العشرة آلاف رجل، ورجع تميم إلى بلنسية " (١).

وربما كانت رواية ابن عذارى أكثر وضوحاً واتساقاً. فهو يقول لنا إنه في سنة اثنتي عشرة وخمسمائة ولّى أمير المسلمين علي بن يوسف أخاه الأمير أبا الطاهر تميماً إمرة بلاد شرقي الأندلس لما ضيق العدو عليها، وأعمل عزمه وحزمه إليها، وذلك أنه لما رأى " أذفونش " ضعف سرقسطة، وتفرق الجيش عنها، بعد موت الأمير أبى بكر بن إبراهيم، جد في الحشد إليها واستجاش للإفرنجة، فأقبلت في عدد لا تحصى، أكثرهم جند ورماة، فاحتل سرقسطة مستهل صفر من هذه السنة (٥١٢ هـ) فخرج المسلمون إليهم، ونشبت الحرب بينهم، فحمل الروم عليهم، فانهزم الناس، وهم في أثرهم إلى ربض الدباغين، إلى القنطرة، فازدحموا بها، وقد حصل الروم معهم فيها. فبادر المسلمون بإلقاء النار عليها، فاحترقت القنطرة إلى أقصاها، ولولا المناجزة بين الربض والمدينة لكانت الحالقة، وبات الناس على الأسلحة، وخمسوا أبواب المدينة، واتصل الحصار وتواترت الحرب، وكان أذفونش قد تخلف عن .. فلحق بعد نصف شهر، فتعاضد العدو، وقد أمد، وزاد كلبه واشتد، ولنحو الشهر تغلبوا على قصر ... بالجعفرية، وهو قبيل ميل من سرقسطة، وكان عبد الله بن مزدلي أوان نزول الروم على سرقسطة بالعسكر، على جيان لحماية ذلك الثغر عن عدو طليطلة ".

ويزيد ابن عذارى على ذلك، أنه لما توالى تضييق العدو على سرقسطة وحصارها وهزيمة أهلها، وتحريق قنطرتها، ونزول العدو على قصرها المعروف بالجعفرية، اتصل الخبر بعبد الله بن مزدلي، فسار الجيش إليها ولحق به مدد من جيش قرطبة، فقويت نفوس أهل سرقسطة، ولحق الجيش بطرسونة،


(١) روض القرطاس ص ١٠٥ و ١٠٦، ويلاحظ ما في هذه الرواية من تناقض أولا في القول بموت عبد الله بن مزدلي ثم مثوله ثانية للقتال مع الأمير تميم، وثانياً في التفرقة بين ابن رذمير وألفنش وابن رذمير هو ألفونسو المحارب، وهما شخص واحد.

<<  <  ج: ص:  >  >>