للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولأن الجيوش المرابطية، لم تكن قد وصلت يومئذ في زحفها نحو الشمال، إلى الثغر الأعلى.

وبسقوط طرّكونه في يد أمير برشلونة، وضمها إلى مملكة قطلونية، لم يبق من ثغور مملكة سرقسطة القديمة سوى طرطوشة، وكان ألفونسو المحارب يتوق إلى انتزاع هذا الثغر، ولكنه كان مضطراً إلى أن يخوض قبل ذلك معارك عديدة مع المرابطين، الذين يسيطرون على منطقتي لاردة وإفراغة، وما وراءهما من الأراضي حتى مصب نهر إبرة. ومن ثم فإنه ما كاد يعود من حملته الأندلسية، حتى أخذ يعد العدة لتنفيذ مشروعه. ولم يمض سوى عامين حتى خرج في قواته من سرقسطة، وزحف شرقاً نحو نهر سِنكا في اتجاه إفراغة ولاردة. وكانت هذه المنطقة قد غدت منذ سقوط سرقسطة، مسرحاً للصراع المستمر بين المسلمين والنصارى، وكانت للمرابطين فيما يبدو حاميات قوية في تلك القواعد، وكانت لهم فوق ذلك قوات متحركة، تنساب بسرعة من شرقي الأندلس، من منطقة بلنسية، كلما هم النصارى بالعدوان.

على أنه يبدو أن ألفونسو المحارب، لم يرد أن يشتبك في هذه المنطقة من الثغر الأعلى مع المرابطين في صراع حاسم، قبل أن يقضي على قواتهم في جنوبي الثغر، وقد كانت تلاحقه نحو الشمال باستمرار. ومن ثم فقد سار في قواته جنوباً نحو أراضي بلنسية، وكان علي بن يوسف قد علم من عماله في بلنسية وما والاها أن ألفونسو المحارب يتأهب لغزو أراضي المسلمين، فخشي عليّ أن تكون حركة شاملة كالتي قام بها المحارب في قلب الأندلس، وأمر بحشد قوات من السود تتكفل بنفقاتها مختلف المدن، كل وفق طاقتها، ثم أرسلت هذه الحشود إلى مرسية - وواليها يدِّر بن ورقا - تعزيزاً للجيوش المرابطية في شرقي الأندلس. وهنا يحيق شىء من الغموض حول تفاصيل الموقعة التي نشبت على أثر ذلك بين الأرجونيين والمرابطين، وحول موقعها. وتذكر لنا الرواية الإسلامية الوحيدة التي لدينا عن الموقعة - وهي رواية ابن القطان - أن الموقعة نشبت في مكان يعرف بالقليعة أو القلاعة، وأن القليعة هذه تقع على مقربة من جزيرة شقر جنوبي بلنسية، وكان ابن رذمير (ألفونسو الأرجوني) يرابط بقواته بها. وهكذا نشبت في القليعة معركة عنيفة بين المرابطين والأرجونيين، ويضع ابن القطان تاريخها في سنة ٥٢٣ هـ (١١٢٩ م)، ويقول لنا إن قوات المسلمين كلها كانت بقيادة

<<  <  ج: ص:  >  >>