للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ابن مجور، وأن المسلمين أصيبوا فيها بهزيمة فادحة، وفنى معظمهم قتلا وأسراً، واحتوى العدو على سائر أسلابهم ومتاعهم ودوابهم، وبلغت خسارتهم نحو اثنى عشر ألفاً بين قتيل وأسير (١).

أما الغموض الذي يحيق بأمر هذه الموقعة، فيأتي مما تذكره لنا الرواية النصرانية وهو أن القلعة أو القلاعة هذه Alcolea، إنما هي بلدة صغيرة محصنة تقع على الضفة اليسرى لنهر سِنكا أحد أفرع نهر إبرة، على مقربة من إفراغة، ولها قصبة منيعة؛ ومعنى ذلك أن الموقعة نشبت بين المرابطين والأرجونيين في الثغر الأعلى، لا في أراضي بلنسية. وتضيف الرواية النصرانية إلى ذلك أن ألفونسو المحارب استولى على أثر الموقعة على بلدة القلاعة، وحصنها ثم أقطعها لأحد أكابر رجاله ممن أبلوا في خدمته (٢).

ثم إنه يوجد من جهة أخرى في الرواية النصرانية ما يفيد أن ألفونسو المحارب قد حاصر بلنسية في أوائل سنة ١١٢٩ م، وهو مما يعزز قول الرواية الإسلامية في أن المعركة قد نشبت بين الأرجونيين والمسلمين في أراضي بلنسية.

هذا، وإلى جانب رواية ابن القطان المتقدمة عن الموقعة، توجد لدينا عنها وثيقتان مرابطيتان، تلقيان عليها، وعلى تاريخ وقوعها، مزيداً من الضياء، ويستخلص منهما ما يأتي:

أولا - أن الموقعة وقعت في " القلعة " أو" القلاعة ". ونحن نرجح قول الرواية الإسلامية في تحديد موقع القلاعة، بأنه على مقربة من جزيرة شقر.

وثانياً - أن وقوعها كان في النصف الأول من سنة ٥٢٣ هـ (النصف الأول من سنة ١١٢٩ م).

وثالثاً - أن المرابطين، أصيبوا في تلك الموقعة بهزيمة شديدة، وقد كانوا بقيادة الأمير أبى محمد بن أبى بكر بن سير اللمتوني، وهو ابن أخت علي بن يوسف، المعروف بابن قنونه، باسم أمه أخت الأمير.

والوثيقة الأولى هي عبارة عن رسالة كتب بها أمير المسلمين علي بن يوسف إلى الأمير أبى محمد بن أبى بكر من حضرة مراكش، ومؤرخة في السابع من شهر شعبان سنة ٥٢٣ هـ، وذلك رداً على كتابه الذي أرسله إلى أمير المسلمين ينبئه


(١) ابن القطان في " نظم الجمان " (المخطوط السابق ذكره لوحة ٣٤ ب).
(٢) M. Lafuente: ibid ; Vol. III. p. ٢٤٠

<<  <  ج: ص:  >  >>