للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فيه بخبر الموقعة. والرسالة من إنشاء كاتب الأندلس وإمام النثر بها يومئذ، أبى مروان بن أبى الخِصَال، وقد كان يتولى الكتابة في بلاط مراكش، وفيها ينحى أمير المسلمين باللوم القارص على قائده أبى محمد بن أبى بكر، وينوه بتقصيره وخذلانه في عبارات لاذعة يقول فيها:

وإن لبيان العذر لتلك الحال لقصير، وإن الله على ذلك المشهد المضيع لمطلع بصير، توافقتم مع عدوكم، وأنتم أوفر منه عدة وأكثر جمعاً، وأحرى أن تكونوا أشد عن حريمكم منعاً، وأقوى دونه دفعاً، فثبت وزللتم، وجدّ ونكلتم، وشد عقد عزيمته وحللتم، وكنتم في تلك الوقعة قرة عين الحاسد، وشماتة العدو الراصد، وقد كانت نصبة توليكم بين يديه بشيعة هائلة، ودعامتكم لولا إنثناؤه عنكم ماثلة، فشغله عنكم من غررتموه من الرّجل الذي أسلمتوه للقتل، وفررتم، ونصبتموهم دريئة للرماح ثم طرتم، ولولا مكان من أوردتموه من المسلمين ولم تصدروه، وخذلتموه من المجاهدين ولم تنصروه، لانكشف دون ذلك الرماح جنتكم ووقاؤكم، وأصيبت بها ظهوركم وأقفاؤكم، عاقبكم الله بما أنتم أهله " (١).

والوثيقة الثانية عبارة عن رسالة كتب بها أيضا أمير المسلمين علي بن يوسف إلى قادة الجيش المرابطي الذين هزموا في موقعة " القِلاعة "، مؤرخة في الحادي عشر من شعبان سفة ٥٢٣ هـ من حضرة مراكش، رداً على كتابهم في وصف المعركة، وفيها يقول إنه لا محيص عن القدر، وإنه لم يأل جهداً في العمل لإعلاء كلمة الإسلام، وبذل الأموال وحشد الرجال، وإنه لو استطاع أن يكون حاضراً بنفسه لديهم لفعل، ثم يطمئنهم ويؤكد لهم أنه لا هم له إلا الذياد والدفاع عنهم والتوفر عليه بأقصى جهد (٢).

وإنه ليبدو لنا من رسالة ثالثة كتبها أمير المسلمين علي بن يوسف إلى قاضي بلنسية وساير الفقهاء والوزراء والأعيان والعامة، عند نزول ابن رذمير عليها، أن ألفونسو الأرجوني، بعد أن أحرز نصره في موقعة القلاعة المتقدمة الذكر، قد سار بقواته شمالا مخترقاً أراضي ولاية بلنسية، وأنه اقترب من ثغر


(١) يراجع نص هذه الوثيقة بأكمله في باب الوثائق. وقد نقلناها عن مخطوط الإسكوريال رقم ٤٨٨ الغزيري (لوحة ٧١ ب - ٧٢ أ) وسبق أن نشر هذه الوثيقة وعلق عليها الدكتور حسين مؤنس في بحثه الذي سبقت الإشارة إليه (مجلة كلية الآداب بجامعة القاهرة سنة ١٩٤٩).
(٢) يراجع نص هذه الرسالة في باب الوثائق. وقد نقلناها عن نفس المخطوط (لوحة ٧٢ ب و ٧٣ أ) وسبق أن نشر هذه الوثيقة أيضاً الدكتور حسبن مؤنس في بحثه السالف الذكر.

<<  <  ج: ص:  >  >>