للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بلنسية، ورابط أمامه حيناً. والواقع أن ابن القطان يذكر لنا بعد حديثه عن موقعة القلاعة، أن قوة من النصارى أغارت على غليرة Cullera الواقعة على البحر على مقربة من جنوبي بلنسية، واكتسحت ما وجدت (١)، وعندئذ وجه قاضي بلنسية الخطيب أبو الحسن إلى أمير المسلمين رسالة استغاثة، هي التي يرد عليها في رسالته. وقد صدرت رسالة أمير المسلمين من حضرة مراكش مؤرخة في السابع من شعبان سنة ٥٢٣ هـ، في نفس اليوم الذي أرخت فيه الرسالة الأولى، الموجهة إلى الأمير محمد بن أبى بكر بلومه، وتقريعه على تخاذله في " القلاعة ". وفي هذه الرسالة يشير أمير المسلمين برفق إلى هزيمة جنده في القلاعة، وأن ذلك لم يكن إلا بسبب تخاذلهم، وعدم اعتبارهم بمواعظه، ثم يطمئن أهل بلنسية، ويؤكد لهم أنه لن يتركهم إلى الضياع، ولن يألو جهداً للذب عنهم، وأنه قد كتب إلى سائر ولاته، بإرسال الأقوات، والتعجيل بإنفاذها في أقرب وقت، وأنه يضعهم من باله في أعز مكان، ويختتمها بالدعاء لأهل بلنسية " بأن يشد الله أزرهم، ويصح أمرهم، ويسد ثغرهم، ويحفظ الألفة عليهم " (٢). والظاهر أن ألفونسو المحارب، قد اكتفى في زحفه بأعمال العيث والتخريب، ولم يحاول مهاجمة بلنسية ذاتها (٣).

٤ - موقعة إفراغة

شغل ألفونسو المحارب، عقب غزوته الكبرى خلال الأندلس، بضعة أعوام، بالحرب مع منافسه ملك قشتالة الفتى ألفونسو ريمونديس ولد زوجه أورّاكا، ولما انتهت هذه الحرب بعقد الهدنة بين قشتالة وأراجون في سنة ١١٣٠ م، حوّل ألفونسو المحارب نشاطه إلى وجهة أخرى، غير العدوان على الأندلس.

فعبر جبال البرنيه في بعض قواته إلى فرنسا، وحاصر مدينة بيونة الواقعة شمال نافار، ولم توضح لنا الرواية النصرانية بواعث هذه الحركة، من جانب ملك أراجون، ولكن الظاهر، أنه قام بها إنجاداً لبعض أتباعه من السادة الفرنج، الذين تجاور أراضيهم نافار، وانتهى الحصار باستيلاء ألفونسو على بيونة (سنة ١١٣١ م)، ثم عاد إلى أراجون، ليستأنف تدبير مشاريعه ضد الأندلس.


(١) نظم الجمان (المخطوط السابق ذكره لوحة ٣٤ ب).
(٢) نشرنا هذه الوثيقة في باب الوثائق، منقولة عن مخطوط الإسكوريال السالف الذكر (لوحة ٧٢ ب - ٧٣ أ).
(٣) M. Lafuente: ibid ; Vol. III. p. ٢٤٠

<<  <  ج: ص:  >  >>