للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المسلمون على محلتهم وعتادهم وسلاحهم، وكان ذلك في اليوم السابع عشر من يوليه سنة ١١٣٤ م (٢٣ رمضان سنة ٥٢٨ هـ) (١).

وتختلف الرواية اختلافاً بيناً في مصير ألفونسو المحارب. ومعظم الروايات النصرانية على أنه سقط خلال الموقعة. ويؤيد هذه الرواية صاحب " الأخبار الطليطلية "، وردريك الطليطلي، وثوريتا، وغيرهم. ولكن الذي يثير ريباً حولها، هو أن جثة ألفونسو المحارب لم توجد قط بين ضحايا الموقعة (٢). وأما الرواية الأخرى، فهي أن ألفونسو توفي بعد الموقعة بأيام قلائل، ويروى مؤرخ قطلوني معاصر في وصفه للمعركة، أنه حين تمت الهزيمة الساحقة على النصارى، عمد ألفونسو إلى الفرار بصحبة فارسين فقط، ولجأ إلى دير القديس " خوان دي لابنيا " في سرقسطة، وهنالك توفي غماً ويأساً، لثمانية أيام فقط من الموقعة، وذلك في ٢٥ يوليه سنة ١١٣٤ م.

وهذا ما تؤيده الرواية الإسلامية مع خلاف يسير. فإن ابن الأثير يقول لنا في حديثه عن الموقعة، أن ابن رذمير (ألفونسو) لحق عقب هزيمته بمدينة سرقسطة، " فلما رأى من قتل من أصحابه، مات مفجوعاً بعد عشرين يوماً من الهزيمة " (٣) ويقول ابن القطان أن ابن رذمير فر في شرذمة قليلة جداً، ولحق بمدينة سرقسطة، واله العقل، مخبول الذهن، ثم خرج منها إلى وشقة فأقام بها مختلا أشهراً قليلة ثم حان أجله (٤). ويقول لنا صاحب الروض المعطار، إن ألفونسو فر عقب هزيمته، وأوى إلى حصن خرب في رأس جبل شاهق، مع الفل الذي بقي معه، ثم غادره متسللا بالليل حينما أحدق به المسلمون (٥).


(١) تختلف الرواية العربية في تاريخ الموقعة فيضعه ابن عذارى في سنة ٥٢٨ هـ (الأوراق المخطوطة السالفة الذكر - هسبيرس ص ١٠٠). ويقول لنا ابن القطان إنها وقعت في سنة ٥٢٩ هـ ويقول في موضع آخر إنها وقعت سنة ٥٢٨ هـ (المخطوط السابق ذكره) ويضعها ابن الأثير في سنة ٥٢٩ هـ (ج ١١ ص ١٣). ويقول لنا صاحب الروض المعطار إنها وقعت في رمضان سنة ٥٢٥ هـ (صفة جزيرة الأندلس ص ٢٤). ولكن الرواية لنصرانية تحدد لنا تاريخها تحديداً دقيقاً واضحاً، وهو يوليه سنة ١١٣٤، الموافق لرمضان سنة ٥٢٨ هـ.
(٢) يراجع في ذلك M. Lafuente: ibid ; Vol. III. p. ٢٤٣، والهامش حيث يعدد الروايات النصرانية المؤيدة لسقوط ألفونسو في الموقعة. وراجع أيضاً: F. Codera: Decadencia y Disparicion de los Almoravides, p. ٢٦٩-٢٧٢
(٣) ابن الأثير ج ١١ ص ١٣.
(٤) في نظم الجمان (المخطوط السابق ذكره).
(٥) الروض المعطار ص ٢٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>