للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الأهلية التي نشبت من جراء ذلك بين قشتالة وأراجون، تتيح للمسلمين أوقاتاً للتهادن، كما تتيح لهم فرص الغزو في الأراضي النصرانية. والرواية الإسلامية نفسها تشيد بعظمة ألفونسو المحارب. ويصفه ابن الأثير في قوله " وكان من أشد ملوك الفرنج بأساً، وأكثرهم تجرداً لحرب المسلمين وأعظمهم صبرا " (١).

هذا وسوف نعني عند الكلام عن تاريخ اسبانيا النصرانية في عهد المرابطين، بالتحدث عن أحوال أراجون وقشتالة في عهد ألفونسو المحارب.

ومما هو جدير بالملاحظة، أن المرابطين، بالرغم من نصرهم الساحق في موقعة إفراغة، وتمزيقهم للجيش الأرجوني شر ممزق، لم يفكروا في الاستفادة من نصرهم بالزحف تواً على سرقسطة، ومحاولة استردادها، وقد كانت على مقربة من ساحة نصرهم، وكان سحق الجيش الأرجوني، وهلاك عاهله، مما يشجع على الاضطلاع بمثل هذه المحاولة، ولكن المرابطين قنعوا في ذلك الموطن بالنصر، وانصرفوا إلى قواعدهم، على غرار ما حدث عقب نصر الزلاّقة، حيث أحجم عاهل المرابطين يوسف بن تاشفين عن مطاردة القشتاليين، وانتهاز فرصة انهيار الجيش القشتالي لمحاولة استرداد طليطلة؛ ومن الغريب أن المرابطين كانوا في نفس الوقت الذي اضطرمت فيه معركة إفراغة سنة ٥٢٨ هـ يقومون بغزوات مخربة عقيمة في أراضي قشتالة، بقيادة الأمير تاشفين، ولد أمير المسلمين علي بن يوسف، ولو أنهم حشدوا مزيداً من قواتهم في الثغر الأعلى، على أثر انتصارهم في إفراغة بقيادة قائدهم البطل يحيى بن غانية، لكانت لديهم بلا ريب فرصة مرجحة، لاسترداد الثغر الإسلامي العظيم - سرقسطة - وفي رأينا أن المرابطين، بإحجامهم عن استغلال ظفرهم في الزلاّقة وإفراغة، وإحجامهم في الحالة الأولى عن محاولة استرداد طليطلة، وفي الثانية عن محاولة استرداد سرقسطة، قد ارتكبوا في الحالتين خطأ عسكرياً لاشك في خطورته، وكانت له في الحالتين نتائج بعيدة المدى.

٥ - خاتمة ملك بني هود بالثغر الأعلى

لما دخل المرابطون سرقسطة بدعوة أهلها، في أواخر سنة ٥٠٣ هـ (١١١٠ م) كان قد غادرها آخر ملوكها من بني هود، عبد الملك بن أحمد المستعين بن هود الملقب بعماد الدولة. ولم يكن عبد الملك قد حكم سوى فترة يسيرة، دب الخلاف


(١) ابن الأثير ج ١١ ص ١٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>