للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لا ضَيّع الرحمن سعيك إنه ... سعي به الإسلام ليس يُضيّع

نستودع الرحمن منك وديعة ... فهو الحفيظ لكل ما يستودع (١)

وتشير الرواية القشتالية إلى هذه الموقعة (٢)، ولكنها كالرواية العربية لا توضح لنا مكان وقوعها توضيحاً كافياً، والظاهر مما تشير إليه أقوال صاحب البيان المغرب، من أن الأمير تاشفين، سار غداة المعركة في قواته إلى حصن " قشرش " أنها وقعت على مقربة من هذا المكان. وتقع قشرش أو قاصرش Caceres، جنوبي نهر التاجه وشمال شرقي بطليوس وغربي ترجالُه. أما تاريخ الموقعة، فتضعه الرواية العربية حسبما تقدم، في أواخر شهر ذي الحجة من سنة ٥٢٨ هـ (أوائل أكتوبر سنة ١١٣٤ م). ومما تجدر ملاحظته أن وقوعها جاء لنحو ثلاثة أشهر فقط من موقعة إفراغة، التي هزم فيها ألفونسو المحارب وفقد حياته، هذا في حين أنه يبدو من أقوال الرواية النصرانية، أنها وقعت قبل موقعة إفراغة.

ومما يلفت النظر، ما يذكره لنا ابن القطان غير مرة من هجوم أسراب الجراد على بسائط الأندلس وإتلافها في هذين العامين الأخيرين. وقد ذكر لنا أنه في العام الذي وقعت فيه الغزوة السابقة - وهو يضع تاريخها في سنة ٢٢٩ هـ - " محت الجراد ما على الأرض من زرع وكلأ، وأمر الناس بالخروج إليها فساقوا منها خمسة آلاف عدل، وثلاثمائة وثلاثين عدلا، وما غاب عن العيون أكثر تركت في الموضع الذي قتلت فيه ولم تحمل ".

ومما يذكر من أحداث هذه الفترة أيضاً، أنه في سنة ٥٢٩ هـ، وقع بقرطبة هياج شديد، وثارت العامة ضد اليهود على أثر ظهور قتيل مسلم في بعض أحيائهم، واقتحموا منازل اليهود، ونهبوها، وقتل خلال ذلك عدد منهم. ووقعت في نفس الوقت بعض اضطرابات بمدينة إشبيلية، من جراء ثورة العامة ضد قاضيها أبى بكر بن العربي، وكان يشتد في زجرهم، ومعاقبتهم بمختلف العقوبات الأليمة المبتكرة (٣).


(١) راجع الحلل الموشية حيث يشير إلى هذه الموقعة بإيجاز (ص ٩٢)، ثم يورد قصيدة ابن الصيرفي كلها (ص ٩٣ - ٩٦).
(٢) M. Lafuente: ibid ; Vol. III. p. ٢٤٨
(٣) البيان المغرب (في الأوراق المخطوطة السالفة الذكر- هسبيرس ص ١٠١).

<<  <  ج: ص:  >  >>