للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وتقدم إلينا الروايات الإسلامية أنباء هذه الغزوة في عبارات موجزة. ويضع ابن القطان حدوثها في سنة ٥٢٦ هـ (١١٣٢ م)، ويقول لنا إنه في هذه السنة خرج السليطين (ألفونسو ريمونديس) وابن هود إلى بلد المسلمين، فهبطوا إلى إشبيلية، وانبسطت خيلهم، واقتحمت ما وجدت، ثم هبطوا إلى شريش، فدخلوها وقتلوا كل من فيها، وبالغوا في النكاية بالمسلمين، ثم رجعوا إلى بلادهم.

ويقول لنا ابن عذارى نقلا عن ابن حمادة، إن العدو وصل إلى حومة شريش والبحيرة، ولم يلقه أحد من المسلمين. ويضع تاريخ هذه الغزوة في سنة ٥٢٧ هـ، (١١٣٣ م) متفقاً بذلك مع الرواية النصرانية (١).

ولكن الرواية العربية من جهة أخرى تشير إلى غزوات ثلاث أخيرة قام بها الأمير تاشفين. وبالرغم من أنها تذكر لنا التاريخ والمكان في كل غزوة، فإنها لا تقدم لنا عنها تفاصيل شافية. وقد وقعت الأولى في سنة ٥٣٠ هـ (١١٣٥ م)، وفيها التقى الأمير تاشفين بالقشتاليين في مكان يعرف " بفحص عطية " فهزمهم، وقتل منهم جموعاً غفيرة. وفي العام التالي أعني سنة ٥٣١ هـ (١١٣٦ م)، غزا الأمير تاشفين أرض قشتالة، واقتحم مدينة كَرَكى على مقربة من قلعة رباح فلم يجد بها أحداً.

وقد أورد لنا ابن الخطيب بهذه المناسبة أبياتاً نظمها الكاتب الكبير أبو عبد الله ابن أبى الخصال يمتدح فيها الأمير تاشفين، ويشير إلى موقعة كركى، وفيها يقول:

الله أعطاك فتحاً غير مشترك ... ورد عزمك عن فوت إلى درك

أرسل عنان جواد أنت راكبه ... واضمم يديك ودعه في يد الملك

قد كان بعدك للأعداء مملكة ... حتى استدرت عليهم كورة الفلك

فما تركت كميا غير منفغر ... ولا تركت نجيعاً غير منسفك

فصحبتهم جنود الله باطشة ... والصبح من عبرات الفجر في مُسُك (٢)

ووقعت الغزوة الثالثة في سنة ٥٣٢ هـ (١١٣٧ م)، وكانت لمدينة

" أشكونية " (أو أشكلونة Escalona وفقاً لصاحب نظم الجمان) وقد كانت حسبما يقول لنا صاحب الروض المعطار من أعمال كورة تدمير أي مرسية (٣). وهذا


(١) نظم الجمان (المخطوط السابق الذكر لوحة ٧٢ أ)، والبيان المغرب (الأوراق المخطوطة هسبيرس ص ٩٦).
(٢) ابن الخطيب في الإحاطة - مخطوط الإسكوريال السالف الذكر (لوحة ٢٩).
(٣) الروض المعطار (صفة جزيرة الأندلس) ص ٢٢ و ١٧٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>