للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بالفكرة المادية التي كانت ذائعة في المغرب في ظل المرابطين، والتي تناقض فكرة التوحيد الحقيقية، ويعتبر المرابطين مسئولين عن فكرة " التجسيم "، و" التشبيه " الذائعة بين رعاياهم، وينادى من أجل ذلك بقتالهم، لأنهم هم السبب في نشر ذلك الإلحاد الذي يسود العقيدة، وأنهم يقيمون نظاماً دينياً، لا تتوّجه فكرة الله. ومتى كان المرابطون على هذا النحو من أهل الشرك، فيجب أن يشهر عليهم الجهاد في سبيل الله (١).

ويعود ابن تومرت فيتناول التوحيد هنا من ناحية أخرى، وذلك كعادته في أبواب متعاقبة. أولها أن التوحيد، هو أساس الدين الذي بني عليه، ثم يحدثنا عن معنى التوحيد، وتفسير لفظه، وعن فضله، وعن شروط الشهادة، وكون التوحيد يهدم ما كان قبله من الفكر والآثام، وعن وجوب العلم بالتوحيد وتقديمه على العبادة، وعن كون التوحيد هو دين الأولين والآخرين من النبيين المرسلين، وكون دين الأنبياء واحد، وعن معرفة طريق إثبات العلم بالتوحيد. ثم يتلو ذلك التحدث عن الإيمان وفضله، والإيمان بالرسول، وعن معنى الإيمان والعلم، واتباع الكتاب والسنة، يتخلل ذلك كله طائفة من الآيات والأحاديث للشرح والتدليل (٢).

- ٥ -

يتناول ابن تومرت بعد ذلك طائفة من المسائل الدينية الأخرى التي لا تتصل أصلا بدعوته الدينية أو السياسية، ولكنها تتضمن مع ذلك، بعض وقائع وأقوال تتصل بهذه الدعوة. وهو قد تحدث من قبل في فصل خاص، عن الصلاة وفضلها وتفاصيلها. وهو يتحدث هنا عن الطهارة، وعن رفع العلم، ورفع الدين والموالاة. وفي هذا الفصل يكرر ما سبق ذكره، من الأحاديث المتعلقة بالناس، الذين يحملون سياطاً كأذناب البقر، والنساء الكاسيات العاريات، والمائلات رؤوسهن كأسنمة البخت، وهي التي يعدها بين علامات الملثمين المجسمين. ثم يحدثنا بعد ذلك عن " التبديل والتغيير بعد رسول الله ". وفي هذا الفضل يعود إلى ذكر المهدي، وما روي بشأنه من أحاديث، تدلى بأنه يكون من آل البيت، وأن اسمه يطابق اسم النبي، وأنه يملأ الأرض عدلا


(١) جولدسيهر في مقدمته الفرنسية لكتاب " أعز ما يطلب " التي سبق ذكرها ص ٥٦ و ٦١.
(٢) كتاب محمد بن تومرت ص ٢٧١ - ٢٨٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>