للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وإسحاق بن ينتان، ومحمد بن حواء، ومحمد بن يانجالا وغيرهم، وكان الشعور عاماً بأن مصير الدولة المرابطية أضحى أمراً مقضياً، وأنها لم تكن سوى معركة يأس، تمليها غريزة الاحتفاظ بالنفس، والتعلق بأوهى الاحتمالات والآمال.

وهكذا فإن الموحدين، ما كادت تستقر حشودهم حول العاصمة المرابطية، حتى اعتزم المرابطون أن يخرجوا لقتالهم. وخرجت قوة مرابطية قوامها نحو خمسة آلاف وخمسمائة فارس، وحشود لا تحصى من المشاة، يقودها إسحاق ابن ينتان، ومحمد بن حواء، ومحمد بن يانجالا، وسارت إلى محلة الموحدين.

ويقول لنا البيذق إن القتال الذي نشب بين الفريقين، استمر أربعة أيام. وفي اليوم الخامس، رتب عبد المؤمن من جنده عدداً من الكمائن المستورة، وخرج المرابطون إلى القتال كالعادة، فلقيهم الموحدون في حشود قليلة، واغتر المرابطون بتفوقهم، بيد أنه ما كاد يتعالى النهار، حتى خرجت الكمائن الموحدية من أماكنها، وحملت على المرابطين بشدة، فانهزموا في الحال، وارتدوا على أعقابهم نحو الأسوار، والقتل مثخن فيهم، حتى وصلوا إلى باب دُكّالة، أو باب الشريعة على قول البيذق، فقتل منهم عدد جم، واستولى الموحدون على نحو ثلاثة آلاف من خيلهم وامتنعت فلولهم بداخل المدينة (١).

وفي خلال ذلك كانت الوفود والحشود، تترى على جيش عبد المؤمن، ويفد عليه أشياخ القبائل وزعماؤها موحدين معلنين لطاعتهم. وكان ممن وفد عليه في تلك الفترة بعض زعماء الأندلس الثائرين على سلطان المرابطين، مثل أبى الغمر بن غرون الثائر بشريش، وابن حَمْدين الثائر بقرطبة. وأرسل عدد آخر من زعماء الأندلس الذين شعروا بانهيار سلطان المرابطين، كذلك رسلهم إلى عبد المؤمن (٢). ولم تقع بعد هزيمة المرابطين الكبيرة في ظاهر باب دُكّالة، بين الفريقين معارك ذات شأن، اللهم إلا ما يقصه علينا البيذق، من خروج ابن ينتان لقتال الموحدين من آن لآخر. ثم ما وقع بعد ذلك من إرسال الموحدين زعيم بني ينتان الذي كان قد " وحّد " إليه أعني إلى إسحاق بن ينتان، وتقدم إسحاق بطاعته وتوحيده، وخروجه من المدينة مع أنصاره، وانضمامه إلى الموحدين (٣).


(١) أخبار المهدي ابن تومرت ص ١٠٢ و ١٠٣، والبيان المغرب (عن ابن صاحب الصلاة) القسم الثالث ص ٢٢، والحلل الموشية ص ١٠٣.
(٢) البيان المغرب القسم الثالث ص ٢٢.
(٣) أخبار المهدي ابن تومرت ص ١٠٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>