للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

من ربيع الأول سنة ٥٤٧ هـ (يونيه سنة ١١٥٢ م). فصلبت جثته، واحتز رأسه وأرسل إلى مراكش. ولما استولى الموحدون على مالقة بعد ذلك بنحو عام، في أوائل سنة ٥٤٨ هـ، قبض على أهله وولده، وبيع بناته، واشترى بعضهن بعض أكابر الدولة الجديدة. فكانت نهايته المحزنة من أتعس ما لقي ثوار النواحي في تلك الفترة (١).

- ٥ -

وقام في وادي آش، على مقربة من غرناطة، في الوقت الذي قام فيه ابن حمدين في قرطبة، وابن أضحى في غرناطة، أحمد بن محمد بن مَلْحان الطائي، فاستولى على القصبة وحصنها، ودعا لنفسه، وتلقب بالمتأيد بالله، وعمل على تعزيز مركزه بكل الوسائل، واشتد في تحصيل المال والدخائر، واقتنى الضياع الواسعة، وتولى فلاحتها وحرثها، حتى غدا من أغنى أهل زمانه. وتغلب على يعض القواعد القريبة، مثل بَسْطة وضمها إلى إمارته، واستخدم في بلاطه الصغير عدة من مشاهير العلم والأدب في ذلك العصر، مثل أبى بكر بن طفيل الفيلسوف الطبيب، وأبى الحكم هرودُس. واستطال عهده عدة أعوام. ولما قام محمد بن سعد بن مردنيش بثورته في شرقي الأندلس، وزحف على القواعد الوسطى والجنوبية، قاصداً توسيع أملاكه، ومحاربة الموحدين في نفس الوقت، سار إلى وادي آش تعاونه فرقة من النصارى، فلما رأى ابن ملحان أنه لا طاقة له به أعلن طاعته للموحدين، وكانوا في ذلك الوقت قد استولوا على غرناطة، بيد أنه لم يستطع الاحتفاظ بوادي آش فخرج عنها، واستولى عليها ابن مردنيش كما استولى على بسطة وغيرها، وذلك في سنة ٥٤٦ هـ (١١٥١ م). وعبر ابن ملحان البحر إلى المغرب، ودخل في خدمة الموحدين، واستعمل بمراكش في بعض الأعمال الهندسية في إقامة البحيرة وإجراء مائها، ثم نكب بعد ذلك لأسباب لا نعرفها، ونزعت أمواله، وتوفي في بؤس وضعة (٢).

- ٦ -

وثار في جيان قاضيها يوسف بن عبد الرحمن بن جُزي، وأنشأ بها حكومة مستقلة،


(١) ابن الخطيب في أعمال الأعلام ص ٢٥٥.
(٢) ابن الخطيب في أعمال الأعلام ص ٢٦٤، والإحاطة ج ٢ (القاهرة) ص ٨٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>