للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تجيبي وفقاً للبعض الآخر (١)، أو بعبارة أخرى عربي الأرومة. بيد أن في لقبه، وهو ابن مردنيش وفي صفاته وسلوكه أيضاً، ما يحمل على الريب في هذه النسبة. وأغلب الظن أنه ينتمي إلى المولدين أو بعبارة أخرى أنه إسباني الأصل، دخل أجداده في الإسلام، فأصبح من ذلك العنصر المسلم الدخيل، الذي كان يؤلف شطراً له خطره من الأمة الأندلسية، والذي لعب في تاريخها أعظم دور، ولاسيما في أيام الفتن والثورات القومية. ويرى البحث الحديث. أن مردنيش، هو تحريف للاسم الإسباني " مرتنيث " Martinez أو Martinizi أي (ابن مرتين)، وربما تحريف لاسم Mardonius وهو سليل البيزنطيين القدماء في منطقة قرطاجنّة (٢). ومن جهة أخرى فإن صفات ابن مردنيش وسلوكه حسبما تصورها لنا الرواية العربية، تؤيد هذا الظن في انتمائه إلى عنصر المولدين. فقد كان شغوفاً بالتشبه بالنصارى (القشتاليين) في الزي والملابس والسلاح واللجم والسروج، وكان يجيد اللغة القشتالية، ويؤثر التحدث بها، وكان يدعو إلى جيشه كثيراً من النصارى المرتزقة، من القشتاليين والقطلان والبشكنس، يبتني لهم الأحياء والمعسكرات، ويزودها بأسباب الرفاهية والحانات، وكان يغدق عليهم الصلات الوفيرة من المال والإقطاعات، وذهب في ذلك إلى حد أنه أقطع أحد أكابر فرسان البشكنس، وهو المسمى بيدرو دي أثاجرا مدينة شنتمرية ابن رزين مع سائر مرافقها وأراضيها، وقد أنشأ بها هذا الفارس مركزاً لأسقفية (٣). وقد كان من جراء هذا الإغداق الفياض على النصارى أن اشتط ابن سعد في فرض المغارم والرسوم المختلفة على رعاياه المسلمين (٤). وكان النصارى يسمونه الملك لوبي (لب) Rey Lope أو Lobo أعني " الذئب ". وفي بعض الروايات النصرانية أن هذا الاسم الأخير أطلقه عليه النصارى لما أثر من إقدامه وشجاعته (٥).


(١) ابن الخطيب في الإحاطة (طبعة القاهرة القديمة) ج ٢ ص ٨٥.
(٢) Dozy: Recherches (١٨٨١) V. I. p. ٣٦٥-Codera: Decad. y Disp. de los Almoravides, p. ١١٣ & ٣١١
(٣) وهي شنتمرية الشرق المسماة بالإسبانية Albarracin. وقد كانت أيام عصر الطوائف قاعدة لمملكة بني رزين.
(٤) الإحاطة ج ٢ ص ٨٧؛ وأعمال الأعلام ص ٢٦١؛ وكذلك Dozy: Recherches. V. I. p. ٣٦٦
(٥) A. Piles Ibars: Valencia Arabe (Valencia ١٩٠١) p. ٥١٦

<<  <  ج: ص:  >  >>