الأحيان، بكثير من عبارات الدعاء والتبجيل والملق، التي تفصح عن طبيعة علائقه بالبلاط الموحدي، فإنه يقدم إلينا في نفس الوقت كثيراً من المعلومات والتفاصيل النفيسة، التي لا توجد في أي مصدر آخر.
أرسل السيد أبو يعقوب رسالة بطلب الإنجاد إلى والده الخليفة، وإشبيلية تسودها ريح التوجس والقلق، فسرعان ما وصل رد الخليفة من معسكره المظفر، على مقربة من قسنطينة، بتاريخ ربيع الأول سنة ٥٥٥ هـ " يعرف فيه بصحيح الآيات، وما ثنى فيه من أعنة خيل الله لهذه الأصقاع، وحماية ذلك الجناب "، فاطمأن الموحدون لما وعد به الخليفة، من سريع العون وبالغه، واستبشروا بالنصر القريب، وقرىء كتاب الخليفة على المنابر، وساد البشر بين الناس.
ووصل في نفس الوقت كتاب آخر من الخليفة، مؤرخ في التاسع من ربيع الأول من نفس العام، ومتضمن " للأمر العزيز"، بإنشاء مدينة كبرى في جبل طارق، ذلك الجبل الذي يصفه ابن صاحب الصلاة " بالجبل الميمون القديم البركة، على جزيرة الأندلس السامق الشاهق، المفتتح منه دانيها وقاصيها، وطايعها وعاصيها "، ولتكون هذه المدينة منزلا للأمير عند إجازته بالعساكر، ومستقراً تتقدم منه " الرايات المظفرة، والأعلام المنشورة إلى بلاد الروم ". وكان الكتاب