من إخوانهم المحصورين، وقد استمروا على حالهم من الاعتصام بالقصبة.
ووصلت أنباء هذه النكبة إلى عبد المؤمن، وهو ما يزال بسلا، وكانت الجيوش قد توافدت عليه في تلك الأثناء، فجهز جيشاً منتخباً من أنجاد الفرسان والجند، يضم زهاء عشرين ألف مقاتل، وجمهرة من أشياخ الموحدين (١) تحت إمرة ولده السيد أبى يعقوب يوسف، ومعه الشيخ أبو يعقوب يوسف ابن سليمان، زعيم أشياخ الموحدين، ومستشار عبد المؤمن الأثير في العظائم والخطوب، وهو الذي يصفه ابن الخطيب " بزعيم وقته وداهية زمانه ". وعبر هذا الجيش الموحدي البحر إلى الجزيرة الخضراء، ثم سار إلى مالقة حيث انضم إليه السيد أبو سعيد فيمن معه، وزود بالعلوفات والمؤن الكافية، وخرج الموحدون بعد ذلك من مالقة، وساروا إلى غرناطة. وكان ابن مردنيش قد وقف على تلك الأهبة الموحدية الضخمة، فسارت قواته، ومعه فرقة من حلفائه النصارى لإنجاد صهره ابن همشك، ونزل فوق الجبل المتصل بقصبة غرناطة على الضفة الأخرى لنهر حدرُّه، وبقي ابن همشك بقواته بالقصبة الحمراء فوق جبل السبيكة، ومعه حلفاؤه النصارى تحت إمرة قائدهم ألبار ردريجس الأصلع حفيد ألبارهانس، ومعه ابن كونت أورقلة (أرخل) وهم يبلغون نحو ثمانية آلاف مقاتل، وكان نهر حدرُّه يفصل بين محلة ابن همشك ومحلة صهره ابن مردنيش. واستمر الموحدون في سيرهم حتى وصلوا إلى قرية دلر على مقربة من غرناطة، ثم صعدوا إلى الجبل المطل على وادي شَنيل، قبالة جبل السبيكة والحمراء. وفي يوم الخميس السابع والعشرين من شهر رجب سنة ٥٥٧ هـ (١٢ يوليه سنة ١١٦٢ م) جمع يوسف بن سليمان قائد الجيش الموحدي أشياخ الموحدين، وأشياخ الأجناد، من مختلف القبائل، ووعظهم وذكرهم بأن الجنة مثوى المجاهدين، وحثهم على التفاني في سبيل الله. وفي مساء هذا اليوم ركب الموحدون خيولهم، وساروا فوق الجبل وأمامهم المشاة والطلائع من المصامدة، وعلى ناصية ضفة شنيل المحاذية للسبيكة، وكانت ليلة منيرة صافية الأديم، وعند الفجر وصلوا إلى مقربة من محلات ابن همشك وحلفائه النصارى فوق جبل السبيكة، وفي الحال انقض الموحدون على أعدائهم على غرة، قبل أن يتم استعدادهم، بل وقبل أن يركب معظمهم خيولهم، واضطرمت بين الفريقين