للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أحكام الشرع، ويبتدعون مظالم شنيعة، ويستنبطون من فواحش الآثام صنوفاً فظيعة، ويتسببون في قتل المسلمين، فضلا عن استباحة أموالهم وأعراضهم بتلبسات يسيئونها، ويمدون أيديهم بضرب الناس بالسياط وسيلة إلى أخذ أموالهم.

وهو ينذر هؤلاء بشر العقاب، ويقول، إن لمن يستوجب الضرب أو يستحقه حدود معلومة، ومواقف مرسومة، تقابل كلا بمقتضى جرمه.

٢ - وأنه قد ذكر له في أمر المغارم والمكوس والقبالات وتحجير المراسي وغيرها، مظالم وكبائر عظيمة، ثم يتساءل ألم يقم الأمر العالي لقطع أسباب الظلم وإجراء العدل.

ومن ذلك ما ذكر في أمر المسافرين الذين يريدون الرجوع إلى أوطانهم، فإن بعض هؤلاء الظلمة، يزعمون لهم أن للمخزن حقوق تمتد إلى جميع ما أتى به، ثم يضطروه بالوعيد إلى الخروج عن جزء كبير من ماله، ويسائل الخليفة الموحدين والطلبة، كيف تقع هذه الأمور، وهم يرصدون الشئون، وكيف تسفك الدماء على هذه الصورة، وتنتهك الحرمات، وهم لا يمتعضون.

٣ - وأنه ليجول بخاطره، أن أسباب تلك المنكرات، هو أن قوماً يتوسطون بينهم وبين الناس، وينقلون الأمور إليهم بطريق التدليس، وذلك ليبعدهم عن مباشرة الأمور، ثم ينصحهم بأن لا يتركوا مباشرة الأمور إلى أحد سواهم، وأنه يجب عليهم أن يباشروا الأحكام مباشرة تعهد وتفقد، وأنهم في ذلك يجب أن يتذرعوا بالحزم والاعتدال وسلوك الطريق الوسط، والتواضع لأمر الله تعالى وترك الاستعلاء المنتقد، وعليهم أن يبحثوا عن المتسببين في وقوع تلك القبائح، وأن يعرّفوه بأمرهم ليقوم بعقابهم.

٤ - ثم يقول الخليفة: " وقد استخرنا الله في سد تلك الذريعة، وصد تلك الأفعال الشنيعة، فرأينا أن ترفعوا إلينا أحكام المذنبين للكبائر، وتعلمونا بنبأ كل من ترون أنه يستوجب القتل بفعله الخاسر، دون أن تقيموا الحد عليه، أو تبادروا بالعقاب إليه، ولا سبيل لكم إلى قتل أحد من كل من هو في بلاد الموحدين وأنظارهم، ومن هو معهم داخل مضمارهم، وكل من ترون أنه يستوجب القتل، ممن يريد المكر في أمر الله تعالى والختل، فعرفونا بجلية أمره وتصحيحه، وخاطبونا بميز أمره ومشروحه، لينفذ فيه من قبلنا ما يوجبه الحق ويقتضيه، ونمضي في عقابه ما ينفذه الشرع ويمضيه. فإياكم من مخالفة أمرنا

<<  <  ج: ص:  >  >>