للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد اعتمد عبد المؤمن في تنظيم دولته، وتسيير حكومته، وقيادة عسكره، على طائفة مختلطة من الكتاب والقادة من مختلف القبائل، وأهل المغرب والأندلس.

وقد كان من الواضح أن أصحاب المهدي وأشياخ الموحدين من المصامدة، وغيرهم من القبائل البدائية الموالية، وإن كان يمكن الاعتماد عليهم في شئون الدعوة وفي بعض القيادات العسكرية، فإنه لا يمكن أن يعتمد عليهم وحدهم في بناء الدولة الموحدية، وتوطيد قواعدها. ومن ثم فإن عبد المؤمن لم يتردد في أن يستخدم في حكومته وفي قيادته، كثيراً من أولياء الدولة المرابطية السابقة من لمتونة ومسّوفة، ومن أهل الأندلس، مثل على بن عيسى بن ميمون قائد الأسطول المرابطي السابق، وبرّاز بن محمد المسّوفي، وقد كان من أبرز القادة المرابطين، ومثل الكاتب أبى جعفر بن عطية وأخيه عقيل بن عطية، وقد كانا من كتاب الدولة اللمتونية، وميمون الهواري. واستخدم عبد المؤمن من أهل الأندلس لكتابته أخيل بن إدريس الرُّندي صاحب رندة السابق، وقد كان أيضاً من كتاب الدولة اللمتونية، وأبا الحسن بن عياش القرطبي، وأبا بكر بن ميمون القرطبي، والخطيب أبا الحسن بن الإشبيلي، وصاحبه الخطيب أبا محمد عبد الله بن جبل. وقد كان الاعتماد على معاونة الوزراء والكتاب الأندلسيين، في بلاط مراكش، مبدأ مقرراً منذ أوائل الدولة المرابطية، وذلك لما كانوا يمتازون به في هذا الميدان من المواهب والصفات المصقولة، ولما كان لأعمال الوزارة وشئون الكتابة بالأندلس من التقاليد الجليلة الراسخة، والأساليب المشرقة العالية. وسوف نرى فيما بعد، كيف يمثل أقطاب الكتاب والعلماء والمفكرين بالأندلس، بقية القرن السادس الهجري، بين وزراء الدولة الموحدية وكتابها البارزين.

وقد وزر لعبد المؤمن الكاتب أبو جعفر بن عطية، ثم أبو محمد عبد السلام ابن محمد الكومي، ثم ولده السيد أبو حفص، ومعاونه أبو العلا إدريس ابن ابراهيم بن جامع، وهو الذي تولى الوزارة بعد وفاته، لولده الخليفة الجديد أبى يعقوب يوسف.

وتولى القضاء في عهده، صهره أبو عمران موسى بن سليمان الضرير من أهل تينملل ومن أصحاب خمسين، وأبو الحجاج يوسف بن عمر.

وعنى عبد المؤمن بالشئون المالية بنوع خاص، ولقي في تنظيمها صعاباً ومتاعب. وكانت مسألة الفروض أو " الجبايات " التي يتكون منها دخل الحكومة

<<  <  ج: ص:  >  >>