للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الجناحين. ويتكون القلب من وحدات الفرسان الثقيلة، وهي التي كان لها على الأغلب القول الفصل في المعارك. وكانت قوات المؤخرة، أو القوات الاحتياطية يقودها أمير المسلمين بنفسه إذا كان مصاحباً للجيش، وتتألف من صفوة الجند، وقوى الحرس المختلفة صمن العبيد والنصارى المرتزقة. وكان لكل قسم من القوات المقاتلة قائده الخاص، ويجتمع القادة جميعاً في مجلس الحرب الذي يعقد قبل المعركة، وترتب فيه خطط الهجوم والدفاع، وفقاً لأوامر القائد الأعلى. وكان الجند يحتشدون وفقاً لمختلف القبائل والأقاليم. ويؤلف جند الأندلس في الجيش المرابطي المخصص لشبه الجزيرة وحدات خاصة، تحمل أعلام المدن التي تنتمي إليها، مثل إشبيلية وقرطبة وغرناطة ومالقة وبلنسية ومرسية وغيرها.

بيد أن القوات الأندلسية لم يكن لها في الجيش المرابطي كبير شأن، وكانت القيادة العليا بنوع خاص، تركز في أيدي القادة المرابطين. وكانت هذه سياسة موسومة واضحة القصد والمرمى.

وكانت نزعة الجهاد، تغلب في البداية على الجيش المرابطي، وكانت تحدوه هذء النزعة المضطرمة حينما عبر إلى شبه الجزيرة لأول مرة، وانتصر في موقعة الزلاّقة، ضد الجيوش النصرانية المتحدة، واستمر يجيش بهذه النزعة إلى الجهاد، طوال عهد يوسف، وفي أوائل عهد ولده علي. ثم خبت هذه النزعة حينما اضطربت أحوال الدولة المرابطية، منذ فورة المهدي ابن تومرت، وأضحى الجيش المرابطي في المغرب، أداة دفاعية عن كيان الدولة التي أنشأته، ولم يعد له في الأندلس تلك الهيبة القديمة، التي كانت تتوجها غزواته الجهادية ضد النصارى، ولم يلبث أن اضطر غير بعيد أن يشغل بأمر الدفاع عن نفسه في مختلف القواعد الأندلسية.

وكان الجيش المرابطي يستعمل البنود والطبول (١). وقد لعبت طبوله في الزلاّقة دوراً كبيراً في إزعاج الجند النصارى، وبث الرعب في قلوبهم. وكان الجيش المرابطي الدائم بالأندلس يتكون من سبعة عشر ألف فارس، منها سبعة آلاف بإشبيلية وقواعد الغرب، وبقرطبة ألف فارس، وبغرناطة مثلها، وأربعة آلاف بشرقي الأندلس، والأربعة آلاف الباقية موزعة على مختلف القواعد والثغور الأخرى، وكان يعهد بالدفاع عن الحدود والقواعد المتاخمة


(١) روض القرطاس ص ٨٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>