للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

للنصارى إلى الأندلسيين، لما لهم في مقاتلة النصارى ومدافعتهم من خبرة خاصة، وكان الفارس المرابطي في الأندلس يتقاضي خمسة دنانير في الشهر، غير نفقته الخاصة، وعلف فرسه، ومن ظهر منهم بشجاعته وتفوقه، يُعهد إليه بولاية موضع ينتفع بفوائده (١).

ولم ينس المرابطون أهمية الأساطيل، ولاسيما منذ افتتحوا الأندلس، وغدت الأندلس ولاية مغربية، فكانت لهم في سبتة وقادس وألمرية أساطيل دائمة.

وكانت قطائع النقل، تجتمع بنوع خاص في مياه سبتة وطنجة، والجزيرة الخضراء وطريف، لتنقل الجيوش المرابطية إلى شبه الجزيرة، ومن شبه الجزيرة إلى المغرب، وكانت الدولة المرابطية تمتلك في أواخر أيامها أسطولا ضخما من القطائع والسفن المقاتلة، حتى أن الأمير تاشفين بن علي، كان وهو يجوز معركة وهران الفاصلة ضد الموحدين، يعلق أمله في النجاة على الأسطول، وقد استدعاه فعلا إلى مياه بجاية. وقد اختصت أسرة بني ميمون عصراً بقيادة الأساطيل المرابطية، وانتقلت هذه الأساطيل على يدهم، إلى خدمة الدولة الموحدية حينما دالت دولة المرابطين.

وأما فيما يتعلق بالنظم المالية فقد اتبعت الدولة المرابطية، في البداية، نظراً لنشأتها الدينية، حكم الشرع في شئون الجباية، فكان يوسف بن تاشفين يقتصر أولا على تحصيل ما تجيزه الشريعة من الفروض، مثل الزكاة والأعشار وأخماس الغنائم وجزية أهل الذمة. بيد أنه لما ضخمت الدولة المرابطية، وتضاعفت جيوشها ومسئولياتها، ولاسيما بعد افتتاح الأندلس، واتساع نطاق أعمال الجهاد، في شبه الجزيرة، لم تعد هذه الموارد الشرعية المتواضعة تكفي لمواجهة مسئولياتها العظيمة، واضطر يوسف بن تاشفين إلى فرض الإتاوات على أهل المغرب والأندلس، للمساهمة في أعمال الجهاد، ولجأ أيضاً إلى تحصيل الأموال من اليهود، ولاسيما يهود بلدة أليسانة (٢)، بمختلف الطرق والوسائل. وكان يوسف بن تاشفين يبغض اليهود، ويرى إرغامهم على اعتناق الإسلام، وشجعه على ذلك بالنسبة ليهود الأندلس، فقيه قرطبي زعم أنه وقع في أحد الكتب، على حديث منسوب إلى النبي، مفاده أن اليهود تعهدوا بأن يؤمنوا بالنبي العربي، وأن يعتنقوا الإسلام،


(١) الحلل الموشية ص ٥٧ و ٥٩.
(٢) تقع بلدة أليسانة أو اللسانة Lucena، شمال غربي لوشة بولاية غرناطة.

<<  <  ج: ص:  >  >>