للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حتى نعت بإمام البلاغة، ووصفه ابن بشكوال بأنه " كان مفخرة وقته، وجمال جماعته ". وقال أبو القاسم الملاّحي لم يكن في عصره مثله. اتصل برجال الدولة اللمتونية، وتولى الوزارة والكتابة لعلي بن يوسف، وحظى لديه، حتى غدا أنبه كتابه، وأعلاهم مكانة، وآثرهم لديه، وكان يعاونه في ديوان الكتابة أخوه أبو مروان عبد الملك. وصدرت بقلم ابن أبى الخصال عن علي بن يوسف رسائل كثيرة في مختلف الأغراض، وانتهى إلينا الكثير منها، وهي تدل جميعاً على روعة أسلوبه وفيض بلاغته، واستمر على مكانه في البلاط المرابطي، حتى صدرت عنه بأمر علي بن يوسف رسالة موجهة إلى الجند المرابطين ببلنسية يلومهم فيها على تخاذلهم أمام العدو، فجاءت رسالة قاسية تفيض بالسباب المقذع، والطعن المهين (١)، فكانت سبباً في الوحشة بينه وبين الأمير، وترتب على ذلك أن استعفي أبو عبد الله من منصبه، فأعفاه علي بن يوسف، وعاد إلى قرطبة، ثم توفي بها بعد قليل في شهر ذي الحجة سنة ٥٤٠ هـ (١١٤٦ م)، وتوفي أخوه عبد الملك قبله بمراكش في سنة ٥٣٩ هـ (٢).

وقد كتب أبو عبد الله بن أبى الخصال عدة مؤلفات قيمة منها كتاب " سراج الأدب " الذي صنفه على طريقة كتاب النوادر لأبى علي القالي، وزهر الآداب للحصري، وكتاب " ظل الغمامة وطوق الحمامة "، وهو في مناقب الصحابة.

وقصيدته الموسومة " بمعراج المناقب، ومنهاج الحسب الثاقب " في نسب رسول الله. وجمعت رسائله في غير مجموع. وله أيضاً آثار شعرية كثيرة. وقد سبق أن أوردنا شيئاً من نظمه في مديح الأمير تاشفين (٣).


(١) وردت هذه الرسالة في مجموعة الإسكوريال المخطوطة رقم ٥٣٨ الغزيري، ونشر المراكشي في المعجب جزءاً منها (ص ٩٨). ونشرها الدكتور حسين مؤنس كاملة في مجلة المعهد المصري بمدريد في العدد الثالث سنة ١٩٥٥ ص ١١٦ - ١١٨.
(٢) راجع في ترجمة ابن أبى الخصال: الصلة لابن بشكوال (القاهرة) رقم ١٢٩٤. والإحاطة مخطوط الإسكوريال السالف الذكر - لوحة ٣٩، والمعجب ص ٩٦، ونفح الطيب ج ٢ ص ١٣٧، وكذلك P. Boigues: Historiadores y Geograficos Arabigo-Espanoles No ١٦٥
ونشر الدكتور محمود علي مكي عدة من رسائل ابن أبى الخصال الصادرة عن علي بن يوسف في صحيفة معهد الدراسات الإسلامية بمدريد (المجلدان السابع والثامن) ص ١٦٧ - ١٧٤.
(٣) أورد لنا ابن دحية في كتابه " المطرب من أشعار أهل المغرب " شيئاً من نظمه ص ١٨٧ - ١٨٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>