للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومن شعره:

وافى وقد عظمت على ذنوبه ... في غيبة قبحت بها آثاره

فمحى إساءته لنا إحسانه ... واستغفرت لذنوبه أوتاره

وقوله يتشوق إلى قرطبة:

أسمت لهم بالغور والشمل جامع ... بروقاً بأعلام العذيب لوامع

فباحت بأسرار الضمير المدامع ... ورب غرام لم تنله المسامع

ويجب ألا ننسى، أنه كان يوجد إلى جانب هذه الصفوة من الكتاب

الأندلسيين، وزير وكاتب نابه من أصل أندلسي، ومن أعلام البلاغة وأئمة البيان في ذلك العصر، هو الوزير الكاتب، الناثر الشاعر، أبو جعفر أحمد بن عطية، الذي تتبعنا أخباره فيما تقدم، مذ خدم الدولة اللمتونية حتى سقوطها، ثم انتقل إلى خدمة الموحدين في الظروف التي شرحناها، حتى كانت نكبته على يد الخليفة عبد المؤمن بن علي.

وكتب عن أمراء الدولة اللمتونية أيضاً، كاتبان أندلسيان آخران هما أبو نصر الفتح بن خاقان، وابن الصيرفي. فأما الفتح بن خاقان، فهو إشبيلي من كتاب الطوائف الأعلام. وقد اشتهر بأسلوبه الأدبي البليغ المسجع، وهو الذي اتبعه في كتابيه " قلائد العقيان " و " مطمح الأنفس ". طاف في أول أمره بقصور الطوائف، واتصل بمعظم أمرائها. ثم خدم الأمير أبا إبراهيم أسحق بن يوسف بن تاشفين، أخا أمير المسلمين علي بن يوسف، وكتب له كتابيه " القلائد " مشتملا على تراجم أمراء الطوائف، وأعيان العصر وفقهائه وكتابه. وانتقل في أواخر حياته إلى مراكش وعاش بها، وكان خليعاً مدمناً، منحرف السلوك، فانتهى بأن توفي قتيلا في الفندق الذي يسكنه، وقيل إن الذي أشار بقتله هو علي بن يوسف (١).

وأما ابن الصيرفي، فهو يحيى بن محمد بن يوسف الأنصاري، يكنى أبا بكر، ويعرف بابن الصيرفي. كان من أعلام العصر المرابطي في البلاغة والأدب والتاريخ، وكان من الكتاب المجيدين، والشعراء المطبوعين، كتب بغرناطة عن الأمير تاشفين بن علي، أيام أن كان والياً للأندلس، وألف في تاريخ الأندلس في العصر المرابطي كتاباً سماه " الأنوار الجلية في أخبار الدولة


(١) راجع ترجمة الفتح بن خاقان في ابن خلكان (ج ١ ص ٥١٥).
وكذلك: P. Boigues: ibid ; No ١٦٢

<<  <  ج: ص:  >  >>