للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المربطية ". وكتاباً آخر سماه " قصص الأنباء وسياسة الرؤساء ". وهما مؤلفان لم يصلا إلينا مع الأسف. ولم يصلا إلينا من مؤلفه الأول سوى شذور نقلها المتأخرون، مثل ابن الخطيب وغيره، ومن ذلك روايته عن غزوة ألفونسو المحارب للأندلس، وهي واقعة كان من معاصريها وشهودها، وقد فصلنا حوادثها في موضعها. وتوفي ابن الصيرفي بغرناطة في سنة ٥٧٠ هـ (١١٧٤ م) (١).

ومن الكتاب الذين اتصلوا بالدولة اللمتونية، وكتبوا عنها أخيل بن إدريس الرُّندي، الذي تتبعنا مصايره من قبل خلال حديثنا عن حوادث الثورة بالأندلس، فقد كتب في بداية حياته للمرابطين، ولما قام القاضي ابن حمدين بقرطبة تولى الكتابة عنه، ثم لحق ببلده رندة، واستبد بحكمها حيناً، فلما انتزعها منه ابن عزون صاحب شريش، عبر البحر إلى مراكش واتصل بحكومة الموحدين، ثم ولي بعد ذلك قضاء قرطبة، فقضاء إشبيلية، حيث توفي بها في سنة ٥٦٠ هـ (١١٦٥ م). وكان أخيل كاتباً بليغاً وشاعراً مطبوعاً. وقد أورد لنا ابن الأبار شيئاً من شعره (٢).

وكان من هؤلاء الوزراء الكتاب أيضاً، علي بن عبد العزيز بن الإمام الأنصاري، وهو سرقسطي الأصل، سكن غرناطة، وكان من الكتاب المجيدين وأهل البلاغة والفصاحة. وزر للأمير أبى الطاهر تميم بن يوسف أيام ولايته لغرناطة، ثم كتب من بعده لأخيه الأمير علي بن يوسف (٣).

كان اجتماع هذه الصفوة الممتازة من كتاب الأندلس في البلاط المرابطي، ظاهرة تدلى بأن المرابطين لم تفتهم أهمية القيم العلمية والأدبية، وأهمية الأساليب البليغة العالية، في عرض مراسيم الدولة، وأوامرها، والإفصاح عن رغباتها، ووجهات نظرها، بيد أنها كانت رعاية محدودة المدى، مقصورة على المجال الرسمي، ولم تكن تسيرها تلك النزعة المستنيرة، التي تعتبر الحركة العلمية والأدبية، من المقومات الحيوية، لأمة عريقة متمدنة، كالأمة الأندلسية.

- ٢ -

يمكننا أن نعتبر الحركة الفكرية والأدبية بالأندلس، في العصر المرابطي،


(١) ترجمة ابن الصيرفي في الإحاطة، مخطوط الإسكوريال السالف الذكر لوحة ٤١٥.
وقد سبق أن نقلناها في ص ١١٠ من هذا الكتاب (الحاشية).
(٢) راجع ترجمة أخيل بن إدريس في الحلة السيراء ص ٢٢٢ - ٢٢٤.
(٣) ابن الخطيب في الإحاطة (مخطوط الإسكوريال) لوحة ٣٣١.

<<  <  ج: ص:  >  >>