للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولا غرو أن أبدى العجايب ربّه ... وفي ثوبه بر، وفي كفه بحر (١).

ومنهم محمد بن عبد الرحمن العقيلي الجراوي من أهل وادي آش. سكن غرناطة، وكان أديباً مشاركاً في علوم جمة، ولاسيما الطب، كما كان شاعراً جزلا مطبوعاً. ومن قوله يمتدح أمير المسلمين علي بن يوسف:

رحلوا الركايب موهنا ... فأذاع عرفهم السنا

والحلي قد أغرى بهم ... لما ترغم معلنا

كم دب حول حماهم ... من كل خطّار القنا (٢).

ومنهم أحمد بن علي بن محمد بن عبد الملك بن سليمان بن سيد الكناني النحوي، من أهل إشبيلية، وقد عرف " باللص " لما نسب إليه في صغره من إغارته على أشعار الآخرين. وكان أديباً، متقناً للعربية، شاعراً جزلا مجيداً. ولد سنة ٥٠٣ هـ، وتوفي في سنة ٥٧٧ هـ (١١٨١ م.). ومن نظمه قوله:

وقائلة والضنا شاملي ... على م سهرت ولم ترقد

وقد ذاب جسمك فوق الفراش ... حتى خفيت عن العوّد

فقلت وكيف أرى نائما ... وراعي المنية بالمرصد (٣).

ومنهم أبو بكر بن قزمان، أمير الزجل الأندلسي، وهو محمد بن عيسى ابن عبد الملك بن قزمان الزهري من أهل قرطبة، برع في الشعر والأدب، وبرع بنوع خاص في نظم القصائد الهزلية بلغة عوام الأندلس أو بعبارة أخرى في نظم الزجل. يقول ابن الخطيب " وهذه الطريقة بديعة يتحكم فيها ألقاب البديع، وتنفسح لكثير مما يضيق سلوكه على الشاعر، وبلغ فيها أبو بكر مبلغاً حجره الله عن سواه فهو آيتها المعجزة، وحجتها البالغة، وحارسها المعلم، والمبتدى فيها والمتمم ". ويصفه ابن خلدون بأنه " إمام الزجالين على الإطلاق ". وخدم ابن قزمان في شبابه المتوكل بن الأفطس صاحب بطليوس ونال لديه حظوة وجاهاً.

فلما انتهت دولتهم، عاد إلى قرطبة وتردد بينها وبين غرناطة. ولما قام ابن حمدين في قرطبة، تعرض ابن قزمان لمطاردته ونكاله، وذلك بسبب " شكاسة


(١) راجع ترجمته في الإحاطة (١٩٥٦) ج ١ ص ٢٢٢ - ٢٢٧.
(٢) ابن الخطيب في الإحاطة، مخطوط الإسكوريال رقم (١٦٧٣ الغزيري) لوحة ٥٦.
(٣) ترجمته في التكملة لابن الأبار ج ١ رقم ٢١٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>