للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وتوفي في ٢٩ يونيه من العام التالي، وقد أشرف على الثمانين من عمره، بعد حكم دام أربعة وأربعين عاماً، ودفن بدير ساهاجون.

وقد تحدثنا من قبل عن أعمال ألفونسو السادس وإصلاحاته الداخلية، وعن تكوين المجتمع القشتالي في عصره، وعن سير التشريع، وما تميز به عهده من ظهور نفوذ البابوية، وبدأ مزاولة رياستها الروحية على الملوكية الإسبانية (١)، فلا محل لأن نعود هنا إلى ذكر هذه الموضوعات. بيد أن الذي يهمنا هنا هو ما انتهى إليه أمر وراثة العرش. ذلك أن ألفونسو السادس توفي دون وارث للعرش، بعد مقتل ولده الوحيد سانشو في معركة أقليش. وكان مما تميز به عهد ألفونسو، مقدم كثير من الفرسان الفرنسيين الذين تحدوهم الروح الصليبية إلى اسبانيا، ليشتركوا مع القوات القشتالية في محاربة المسلمين. وكان من بين هؤلاء إثنان من الأشراف من أقارب الملكة كونستانس زوجة ألفونسو الأولى، هما الكونت ريمون البرجوني، وابن عمه الكونت هنري، وقد اشترك كلاهما، إلى جانب ألفونسو، في كثير من المعارك التي خاضها ضد المسلمين، وظهر فيها بإقدامه وبسالته، فرأى ألفونسو إثابة لهما أن يزوجهما من ابنتيه أوراكا وتريسا (سنة ١٠٩٢ م)، فتزوج الكونت ريمون بأورّاكا، وهي ابنة الملك الشرعية من زوجته الملكة كونستانس، وتزوج الكونت هنري بتريسا، وهي ابنة غير شرعية لألفونسو من خليلته خمينا نونيس، ومنح ألفونسو أوراكا وريمون إمارة ولاية جليقية، ومنح تريسا وهنري إمارة الأراضي التي انتزعها من المسلمين في ولاية لوزيتانيا (شمالي البرتغال). وهي التي غدت فيما بعد مهداً لقيام مملكة البرتغال الجديدة في شبه الجزيرة. وهكذا بدأ النفوذ الفرنسي يتسرب إلى شئون قشتالة السياسية، بعد أن تسرب إلى شئونها الدينية على يد الرهبان الدومنيكانيين، وعميدهم المطران برنار، مطران طليطلة ورئيس الكنيسة الإسبانية.

وقد ذكرنا فيما تقدم أن المُلْك في قشتالة كان وراثياً. وقد واجهت ألفونسو بعد مصرع ولده الوحيد سانشو في موقعة أقليش مشكلة صعبة، هي مشكلة وراثة العرش. ومن ثم فقد عنى بحلها في وصيته التي وضعها قبيل وفاته.

وكان الكونت ريمون البرجوني، قد توفي منذ سنة ١١٠٧ م، بعد أن أنجب


(١) راجع كتاب دول الطوائف ص ٣٨٧ - ٣٩٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>