العناية والحزم في بعض أعمالها الخارجية، فانتهى الأمر، بأن نبذ الملك كل اعتبار لزوجته، وأخذ يسيىء معاملتها، لا بالكلم فقط، ولكن بالفعل أيضاً، فكان يصفعها ويركلها برجليه. ورأى الأساقفة الذين لم يرقهم هذا الزواج منذ البداية، أن أفضل مخرج من هذا الموقف المزري هو الطلاق، وأصغت الملكة إلى هذا الاقتراح، لأنها كانت فضلا عما تلقاه من سوء المعاملة، تشك في صحة هذا الزواج.
وكانت من جهة أخرى ترنو إلى الزواج من الكونت جومث دي كاند سبينا، وكان أيام حياة أبيها يتطلع إلى ذلك، وكانت بينه وبينها علائق مريبة " (١).
- ١ -
وهنا تبدأ تلك الحرب الأهلية الشهيرة، التي لبثت أعواماً طوالا، تمزق اسبانيا النصرانية، والتي كان بطلاها الرئيسيان، ألفونسو ملك أراجون، وأوراكا ملكة قشتالة.
أدرك ألفونسو منذ البداية ما تنطوي عليه زوجه من رياء وخديعة، وما يشين سمعتها الأخلاقية. من شائعات مريبة، فاعتزم أمره واتخذ من حجة الدفاع عن طليطلة ذريعة، ووضع في معظم قلاع قشتالة ومدنها الرئيسية حاميات أرجونية.
ولم يحجم عن محاصرة الملكة ذاتها في قلعة كاستلار (سنة ١١١١ م) بحجة أنها تحاول بث الثورة، وأنها بسوء سلوكها تصدع من هيبة العرش.
وكانت عناصر أخرى تتأهب لدخول المعركة. ذلك أن الأمير هنري الأرجوني أمير البرتغال، وزوج تريسا أخت أوراكا، كان يطمح إلى عرش قشتالة، ويأتمر بها، ومن أجل ذلك عبر إلى فرنسا ليبحث عمن يساعده في محاربته لأوراكا، ثم عاد إلى اسبانيا بطريق أراجون، واتفق مع ألفونسو على أن يعمل معه لاتحاد أراضي ليون وقشتالة ثم يقتسمانها فيما بعد.
وكانت المؤامرات تحاك في نفس الوقت حول الأمير الطفل ألفونسو ريمونديس، وكان يعيش في ضيعة صغيرة في جليقية تحت رعاية وصيه الكونت بيدور دي ترافا. فلما تزوجت أمه أوراكا بملك أراجون، أراد الوصي أن يعلن الأمير الصغير ملكاً على جليقية وفقاً لوصية جده. وكان هنري أمير البرتغال يؤيد هذا المشروع. ولكن أوراكا حينما سجنت في قلعة كاستيلار، بادرت فأرسلت رسلها إلى جليقية يطالبون إعلانها ملكة لها. ولكن أشراف جليقية خشوا من انتقام ملك أراجون.
(١) M. Lafuente: Historia General de Espana, T. III, p. ٢١٧