للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

توي، وأورنسي. ولم تستطع أوراكا مغادرة شنت ياقب إلا بصعوبة، فسارت منها إلى مدينة ليون. وبقيت تريسا في جليقية حيناً، حتى علمت بأن المسلمين يزحفون على أراضيها الجنوبية فعادت إلى البرتغال لتعني بمدافعتهم.

وفي تلك الأثناء ثار أهل شنت ياقب بالأسقف ديجو، ففر إلى قشتالة، والتجأ إلى حماية الملكة، فاستقبلته بعطف، وعهدت إليه بأن يقوم بالسعي في عقد الصلح بينها وبين ولدها ومن يؤيدونه من أشراف جليقية، فدعا الأسقف إلى اجتماع عقد في ساهاجون يمثل مختلف الأطراف المتنازعة (كورتيس)، ووضع اتفاق بين الأم والإبن، وقعه ثلاثون شريفاً من كل من الفريقين، يقضي بأن تتولى الأم وولدها الحكم معاً في جليقية وليون وأشتوريش، وأن تنفرد الأم بالحكم حال حياتها في قشتالة، على أن يخلفها ولدها وفقاً لوصية ألفونسو السادس (سنة ١١١٧ م).

ولما تم توقيع الصلح على هذا النحو سارت الملكة إلى جليقية لزيارة ولدها، ثم سارت إلى شنت ياقب لتعاقب أهلها على مناوأتهم للأسقف ديجو. فقاومها أهل المدينة بشدة، وهاجموها ومن معها بعنف، حتى اضطرت أن تلتجىء مع حاشيتها إلى الكنيسة الكبرى، فأضرم الثوار فيها النار غير مكترثين بصفتها المقدسة، ولما هرعت الملكة إلى الخارج طلباً للنجاة، تطاول عليها الثوار وأهانوها، ولم تستطع النجاة إلا بعد أن تعهدت لهم بأن تعين لهم أسقفاً آخر يوافق ْالملك على تعيينه، وأن تحكم البلدة وفقاً لرغبات أهلها. أما الأسقف ديجو، فاستطاع أن يفر متنكراً، ولكن أتباعه هلكوا في الكنيسة حرقاً.

وما كادت الملكة تغادر شنت ياقب حتى زحفت على المدينة قوات جليقية، وقوات الملكة وأصحاب الأسقف، واعتزمت الملكة أن تعاقب أهلها على جرأتهم عقاباً رادعاً. فارتاع أهل المدينة، وخرج كبراؤها من قساوسة ومدنيين، وتضرعوا إلى الملكة وإلى الأسقف بأن تصفح عنهم، وأن يُرفع عنهم النفي الكنسي الذي أعلنه الأسقف. وانتهى الأمر بأن اشترطت الملكة، أن يُنزع سلاح الجماعة الثائرة المسماة " جماعة الإخوة "، وأن يقسم الكبراء يمين الطاعة للملكة والأسقف، وأن يقدموا خمسين فتى من أبنائهم وأقاربهم رهينة، وقررت الملكة نزع أملاك خمسين من الثوار، وفرضت على المدينة غرامة فادحة. ثم دخلت إلى المدينة يصحبها الأسقف، وأعيد الأسقف إلى منصبه، وردت

<<  <  ج: ص:  >  >>