للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهنا نهض المطران لمحاربة الملكة، ومن الغريب أن أهل شنت ياقب الذين خرجوا من قبل على المطران وكادوا يفتكون به، انضموا عندئذ إليه. وانضمت إليه كذلك قوات ألفونسو ريمونديس الجليقية. وسارت الملكة في قواتها لمقاتلة المطران الثائر وحلفائه، والتقى الفريقان في مكان يسمى " مونساكرو " ووقعت بينهما بعض المصادمات الدموية، وصدر في تلك الأثناء قرار المطارنة بنفي الملكة من الكنيسة تحقيقاً لرغبة البابا، وعندئذ لم تر الملكة مناصاً من الإذعان. وفي رواية أخرى أنه لم يقع قتال بين الفريقين، وأن المطران ديجو اقترح على الملكة أن تجري مفاوضات لعقد الصلح بينها وبين ابنها حقناً للدماء. وانتهت هذه المفاوضات إلى معاهدة صلح، قدمت الملكة لضمان تنفيذها ستين من فرسانها رهينة، وتعهدت بأن ترد سائر أملاك الكنيسة، وأن ترد إلى المطران سائر أملاكه ورواتبه.

وحاول البابا كالستوس الثاني أن يضع بتدخله حداً لتلك الحرب الأهلية التي طال أمدها، فأوفد إلى شبه الجزيرة سفيراً بعد سفير، وعقدت بدعوته عدة اجتماعات كنسية ونيابية للعمل على رد السكينة والنظام، والتوفيق بين الأحزاب المتنازعة. وانتهى الاجتماع الذي عقد في بلد الوليد في سنة ١١٢٤ م، بعقد الصلح، بين الملكة وولدها على أن يحكما سوياً كل الأراضي التي ورثتها أوراكا عن أبيها. ولكن النزاع بين الأشراف استمر على حاله، ولم تثمر في حسمه أية وسيلة، إذ كانت أهواء الملكة الشخصية تحول دون كل توفيق، وتذكي عوامل الخصومة والبغضاء في مختلف النفوس. وكان ولدها الملك الفتى، قد سار قبل ذلك ببضعة أعوام إلى قشتالة في فرقة قوية من فرسانه واستطاع أن يقبض على الكونت بيدرو دي لارا عشيق أمه، وأن يلقي به إلى السجن. ولكن الكونت فر من معتقله، والتجأ إلى حماية أمير برشلونة، ورفع هذا الحادث من سمعة الملكة وهيبتها مدى حين، وهدأت ثورة أشراف قشتالة، الذين كانوا ينقمون على أوراكا اصطفاءها الشائن لخليلها. ومع ذلك فإن هذه الملكة الماجنة استمرت على سلوكها الوضيع، وعلائقها الغرامية المشينة، حتى نهاية حياتها.

وقد جاءت النهاية أخيراً لتضع حداً لحياة ذميمة، فياضة بالفجور والفضائح والأهواء الجامحة، والخصومات المضطرمة، وتوفيت أوراكا ملكة قشتالة في سنة ١١٢٦ م. فتنفس الجميع الصعداء في سائر أنحاء اسبانيا النصرانية، ملوكاً، وأحباراً وأشرافاً، وفرساناً، وشعوباً، واختفت من حياة قشتالة العامة، شخصية

<<  <  ج: ص:  >  >>