لما توفيت الملكة أوراكا، أعلن ولدها ألفونسو ريمونديس ملكاً لقشتالة وليون وسائر الأراضي التي حكمها جده ألفونسو السادس، باسم ألفونسو السابع، وكان ألفونسو منذ وفاة جده، وفي حياة أمه ملكاً لجليقية حسبما تقدم. وكان هذا الملك الفتى الذي لم يجاوز الحادية والعشرين من عمره، قد نشأ وترعرع في غمار الخطوب والمحن التي توالت على المملكة أيام حكم والدته، وكان يشعر بكل ما يواجهه من تبعات خطيرة، وما يستلزمه ذلك من يقظة وحزم. وكان أشراف قشتالة وليون يشعرون ويشعر الشعب القشتالي نفسه، بأن تولى ألفونسو ريمونديس الملك يبشر بإنهاء عهد الاضطراب والفوضى، وقيام عهد جديد من السلام والرخاء.
على أنه كان واجباً قبل أن يتحقق هذا الأمل، في عود السكينة والسلام، أن يتحقق أمران، الأول أن تُسوى المسائل المعلقة بين قشتالة وأراجون، والثاني أن يتم إخضاع الأشراف والخوارج في بعض أنحاء المملكة بصورة نهائية.
فأما عن الأمر الأول، فإن ألفونسو ملك أراجون، كان ما يزال يتمسك ببقية من دعاويه القديمة، وكانت جنوده، ما تزال تحتل عدداً من الحصون داخل أراضي قشتالة. فلما توفيت أوراكا زوجه القديمة، وقام ولدها في الملك، أخذ يتطلع إلى مهاجمة قشتالة والمحافظة على ما بيده من حصونها، وأخذ ألفونسو ريمونديس من جانبه يتطلع إلى القضاء على دعاوي ملك أراجون، وتحرير أرض قشتالة من هذا الاحتلال، وأخذ كل من الملكين يتأهب لمقاومة خصيمه. وكان ملك أراجون هو البادىء بالعدوان، فنفذ بقواته إلى أراضي قشتالة حتى صار على مقربة من بالنسيا، وهنالك التقى بقوات قشتالة وكان يقودها الكونت دي لارا ولكن لم يقع بين الفريقين التحام ولا قتال. وسرعان ما تدخل بينهما الأساقفة، وعقدت الهدنة، تعهد ملك أراجون بأن يسلم الحصون التي تحتلها قواته في مهلة معينة، ثم عاد إلى أراضيه (١١٢٧ م).
ولكن ملك أراجون لم ينفذ ما وعد به، ولم يمض عامان آخران حتى عاد إلى غزو قشتالة. وسار ألفونسو ريمونديس في قواته إلى لقائه. والتقى الجيشان على مقربة من " ألماسان ". وهنا تدخل الأساقفة مرة أخرى، وتكرر السعي القديم في عقد الهدنة، وكان التعهد هذه المرة من جانب ملك قشتالة، في أن يرد إلى المحارب الحصون التي كانت له في قشتالة.