على أن هذه المحاولة لم تنجح أيضاً، ولم يمض سوى قليل، حتى عاد النزاع، وعاد لقاء الفريقين في ميدان الحرب، واستولى ملك قشتالة في تلك الحملة على قلعة كاسترو شريش، وهي أهم القلاع التي كان يحتلها أنصار ملك أراجون، واستمر هذا الصدام وقتاً، وكلما هم الفريقان بالاشتباك، هرع الأساقفة بالتدخل ودعوا إلى حقن دماء النصارى، وتحويل الحرب إلى وجهة أخرى هي محاربة المسلمين. وأخيراً وفق الأحبار في جهودهم، وعقدت بين الملكين هدنة، نزل بمقتضاها ملك أراجون عن سائر الحصون التي كانت له في قشتالة، ونزل ألفونسو ريمونديس نظير ذلك عن ولاية " ريوخا " التي كانت من قبل من أراضي نافارا، وانتزعها منها ألفونسو السادس (سنة ١١٣٠ م).
وشغل ألفونسو المحارب من ذلك الحين أولا بحرب صغيرة نشبت فيما وراء البرنيه بين بعض الأمراء الفرنسيين. والظاهر أن ألفونسو تدخل في هذه الحرب ليحمي بعض الكونتات من أتباعه في ولايتي بيارن وبجور، من بعض خصومهم من أمراء الشمال، ومن ثم فقد حاصر ألفونسو مدينة بيونة واستولى عليها (سنة ١١٣١). ثم شغل بعد ذلك بمحاربة الأمراء المسلمين في طرطوشة ومكناسة وإفراغة، وفي موقعة إفراغة كانت هزيمته الساحقة، ثم مصرعه في يوليه سنة ١١٣٤ م، وذلك حسبما فصلناه من قبل في موضعه.
وأما الأمر الثاني الذي شغل به ألفونسو ريمونديس في مستهل حكمه، فهو القضاء على سلطان الأشراف الخوارج وثوراتهم التي توالت منذ عهد أمه أوراكا.
وكان أشد الخوارج بأساً في قشتالة أسرة لارا، التي كانت تناهض العرش أحياناً، وأحياناً تعضده بقواتها وثرائها، ونفوذها البالغ. وكان عميدها بيدرو جونثالث دي لارا عشيق الملكة أوراكا أو زوجها السري، وأخوه ردريجو، وكان ألفونسو ريمونديس قد استطاع من قبل أن يقبض على عشيق أمه، وأن يعتقله، ولكنه فر إلى قطلونية، ثم عاد إلى قشتالة عقب موت أوراكا، واستطاع أن يستولي على بالنسيا بمعاونة ملك أراجون، فبادر ألفونسو بالسير إلى بالنسيا، واستولى عليها، وقبض على الأشراف الثائرين، وفي مقدمتهم الكونت بيدرو دي لارا، ولكن أخاه ردريجو تمكن من الفرار إلى منطقة الأسترياس (أشتوريش).
وأفرج ألفونسو بعد ذلك عن الكونت بيدرو، فغادر قشتالة مرة أخرى، إلى أراجون، شاعراً بأنه فقد كل مكانته ونفوذه السابق، واشترك مع ملك أراجون