للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

على أن الشعبين الأرجوني والنافاري أبى كلاهما، أن يحترم وصية ترمي إلى التصرف في مصايرهم، ومصاير بلادهم، على هذا النحو الغريب. وقد انتهز النافاريون بالأخص هذه الفرصة ليعملوا على استرداد استقلالهم القومي، الذي فقدوه منذ استولى سانشو راميريس ملك أراجون، ووالد ألفونسو المحارب على بلادهم في سنة ١٠٧٦ م أعني منذ ستين عاماً، وكان من المتفق عليه منذ البداية بين الأرجونيين والنافاريين أن يرفضوا أية دعوى لملك قشتالة في السيادة على بلادهم، وقد كان بوسع ألفونسو ريمونديس أن يشهر هذه الدعوى باعتباره سليل سانشو الكبير من ناحية أمه. ومن ثم فإن الأرجونيين والنافاريين بعد أن أعلنوا رفضهم لوصية الملك المتوفى، قرروا أن يجتمع ممثلو الشعبين من الطبقات الثلاث، أعني رجال الدين والأشراف ونواب الشعب، لاختيار الملك الجديد. واجتمع النواب في بلدة جاقة في مؤتمر وطني، وقر رأى الأرجونيين على أن يختاروا للعرش أخا الملك المتوفى دون راميرو الراهب، وكان قد انتظم في سلك الكهنوت قبل ذلك بمدة طويلة، وأقام في دير منعزل على مقربة من ثغر أربونة، ولكن النافاريين لم يوافقوا على هذا الاختيار، فانفصلوا عن الأرجونيين، وأعلنوا في بنبلونة عاصمتهم القديمة، استقلالهم، واختاروا لهم ملكاً، هو غرسية راميريس حفيد ملكهم سانشو، الذي قتل غيلة في سنة ١٠٧٦، وبذا انفصلت نافارا عن أراجون، وعادت تشغل مركزها القديم، كدولة مستقلة من دول اسبانيا النصرانية.

واجتمع ممثلو أراجون من جهة أخرى، في مونتسون، في مجلس نيابي (كورتيس) وقرروا الموافقة على اختيار الراهب راميرو ملكاً لأراجون، وقبل راميرو هذا العرض، وحصل على إذن بتحريره من عهد الرهبنة، وتولى العرش، وتزوج بموافقة البابا من الأميرة إنيس ابنة كونت بواتييه وأخت دوق أكوتين. وهكذا استحالت مملكة أراجون، بعد أن كانت في عهد ألفونسو المحارب مملكة مترامية الأطراف، إلى مملكة صغيرة محدودة الموارد والقوى، وزادت الممالك الإسبانية النصرانية مملكة جديدة هي مملكة نافارا المستقلة.

وكان ملك قشتالة يرقب هذه التطورات الجديدة بمنتهى الاهتمام، ويدبر خططه ليخرج منها بأوفر غنم. فما كاد الوضع الجديد يستقر في أراجون ونافارا، حتى خرج من قشتالة، في جيش ضخم، واتجه نحو ضفاف الإيبرو، واستولى على ناجرة وقلهرة، ثم سار إلى سرقسطة بحجة حمايتها من المرابطين، ولم يجرؤ

<<  <  ج: ص:  >  >>