للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يسود فيه حكم القوة، ويعتبر الأشراف أنفسهم سلطة خاصة، تقرر ما تشاء وفق أهوائها، متى كان لها سند من القوة والإرغام، ولم يكن في مقدور العرش دائماً، أن ينفذ من جانبه بالقوة سائر القوانين والقرارات التي يصدرها.

ويعلق الأستاذ ألتاميرا على اتخاذ ألفونسو السابع للقب الإمبراطور بقوله، إنه كان يرمي بالاتشاح بهذا اللقب إلى مثل ما كان يرمي إليه امبراطرة الدولة الرومانية المقدسة منذ كارل الأكبر (شارلمان) والإمبراطور أوتو الألماني، من بسط سيادته على باقي ملوك الجزيرة، كما كان أولئك الامبراطرة يدّعون بسط سيادتهم على باقي ملوك القارة الأوروبية. والواقع أن ألفونسو السابع، استطاع بواسطة انتصاراته في نافارا (نبرّة) وأراجون أن يبسط سيادته على ملوك هاتين الدولتين، وقد اعترف له بالتبعية إلى جانبهم كونتات برشلونة وتولوشه وغيرهما، وكانت هذه الصفة الإمبراطورية تختلف عن مثيلتها الأوربية، بانحصارها في شبه الجزيرة الإسبانية (١).

وهكذا حققت قشتالة بارتفاع ملكها إلى مرتبة القيصر، سيادتها الأدبية، والفعلية، في معنى من المعاني، على ممالك اسبانيا النصرانية. بيد أن الخلاف لبث على أشده بين مملكتي أراجون ونافارا، ولاسيما على الحدود والألقاب الملوكية، وكاد الأمر بينهما يصل إلى الحرب. وفكر ملك أراجون الراهب بأن يعوض ضعفه بالاستعانة بملك قشتالة ضد نافارا، ونزل له عن قلعة أيوب ومواضع أخرى من التي كان ألفونسو المحارب قد افتتحها من المسلمين، واقترح أن يقدم ابنته الطفلة، بترونيلا، عروساً لسانشو ولي عهد قشتالة. وكانت سياسة راميرو هذه تلقي أشد معارضة من أشراف أراجون، إذ كانوا يرون فيها خطراً على استقلال بلادهم. وقيل إن راميرو استدعى نفراً من هؤلاء المعارضين ذات يوم إلى قصره، ودبر مصرعهم بطريقة غادرة، وهي رواية يشك في صحتها. وكان ملك نافارا، من جهة أخرى ينظر إلى مشاريع راميرو بعين التوجس والغضب، إذ كان يطمح أن يؤول إليه عرش أراجون، وكان ملك قشتالة من جانبه يخشى أن يشتد ساعد نافارا، وأن تغدو عاملا يهدد سيادته. ومن ثم فقد اعتزم ألفونسو ريمونديس أن يشهر الحرب على نافارا، وزحف عليها بالفعل في جيش ضخم، وذلك في سنة ١١٣٦ م. وانتهز ملك البرتغال الفتى ألفونسو هنريكيز هذه الفرصة،


(١) R. Altamira: ibid ; Vol. I. p. ٣٦١ & ٣٦٢

<<  <  ج: ص:  >  >>