للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

في عهد ألفونسو المحارب، وغدت كبرى الممالك النصرانية الإسبانية، واختُتم بوفاة المحارب عهد الملوك الأقوياء الذين قضوا على سلطان المسلمين في الثغر الأعلى، وانتزعوا قواعد مملكة سرقسطة. ولكن شاء القدر أن تعود مملكة أراجون فتنهض من عثارها الذي أصابها على يد الراهب راميرو، وتغدو باندماجها مع إمارة قطلونية، مملكة قوية كبرى.

٢ - اتحاد أراجون وقطلونية

والواقع أن إمارة برشلونة أو قطلونية الصغيرة، بموقعها على البحر، وثغرها العظيم، كانت تبدو من الناحية الجغرافية بالنسبة لأراجون، عضداً طبيعياً، وشطراً مكملا، أبلغ خطراً وأهمية من مملكة نافارا. وكان سير الحوادث في قطلونية وأراجون بالنسبة للكفاح ضد المسلمين يتخذ وجهة مماثلة، ويرى إلى هدف واحد، هو القضاء على مملكة سرقسطة الإسلامية. وقد اضطلعت قطلونية في هذا الكفاح بنصيب بارز، ولاسيما منذ عهد أميرها رامون برنجير الثالث المعروف " بالكبير " وهو الذي ولى الحكم منذ سنة ١٠٩٢ م. ورأى الكونت رامون أن يقوي نفسه ضد المرابطين بالتحالف مع كونت أرقلة، وكونت باليارش، وكونت أربونة وغيرهم من الأمراء المجاورين. ولما غزا ابن الحاج والي سرقسطة المرابطي أراضي قطلونية في سنة ٥٠٨ هـ (١١١٤ م) فاجأته قوات الكونت رامون وحلفائه في جبال قطلونية، واشتبكت معه في معركة دامية قتل فيها ابن الحاج ومعظم جنده (١). فعندئذ بعث أمير المسلمين علي بن يوسف صهره الأمير أبا بكر بن إبراهيم والى مرسية في جيش كبير، لغزو برشلونة والانتقام لمصرع ابن الحاج، فاخترق أبو بكر أراضي قطلونية وهو يثخن فيها، وحاصر ثغر برشلونة، فخرج إليه أميرها الكونت رامون وحلفاؤه الفرنج، ونشبت بين الفريقين معارك شديدة، قتل فيها كثير من الفريقين، وارتد المرابطون دون أن يحققوا نتائج حاسمة.

وفي سنة ١١١٢ م تزوج الكونت رامون، عقب وفاة زوجه الأولى،


(١) سبق أن أشرنا إلى رواية ابن عذارى التي تقول إن ابن الحاج لم يقتل في هذه الموقعة وإنما قتل بعد ذلك بعام في موقعة نشبت بين المرابطين والقشتاليين على مقربة من قرطبة في سنة ٥٠٩ هـ (راجع ص ٧٢ و ٧٥ من هذا الكتاب).

<<  <  ج: ص:  >  >>