للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

من دونيا دولثيا وارثة ولاية بروفانص الفرنسية، وكان لانضمام هذه الولاية الفرنجية القديمة المتمدنة، إلى إمارة قطلونية، أثر كبير في حضارتها، وفي تقدمها الفكري. وكذلك ضمت إلى قطلونية بضعة إمارات صغيرة أخرى فيما وراء البرنيه، سواء بموت أصحابها أو باتفاقات سابقة، وكان منها أتونة، وقرقشونة، وبذلك اتسعت رقعة مملكة قطلونية اتساعاً كبيراً.

واشترك الكونت رامون برنجير الثالث في حملة الغزو الكبرى إلى الجزائر الشرقية (١١١٤ م)، وهي التي جهزتها جمهوريتا بيزة وجنوة، وتم استيلاء النصارى على ميورقة في العام التالي. ولكن أمير المسلمين علي بن يوسف بعث لاسترداد الجزائر أسطولا ضخماً، فاضطر النصارى إلى مغادرتها، واحتلها المرابطون وذلك في أواخر سنة ٥٠٩ هـ (١١١٦ م)، وعادت الجزائر الشرقية إلى حظيرة الإسلام، وذلك كله حسبما فصلناه في موضعه.

واستمر الكونت حيناً في صراعه ضد المرابطين، وقام بمعاونة البيزيين، والجنويين بمحاولات فاشلة لافتتاح طرطوشة، ومدينة لاردة. ولما شغل ألفونسو المحارب بغزواته الكبرى للأندلس، وصراعه المتصل بعد ذلك مع المرابطين، اشتد ضغط المرابطين على إمارة برشلونة، ولقي الكونت في مدافعتهم متاعب شديدة. وتتحدث الرواية عن هزيمة شنيعة لحقت بالقطلان على أيدي المرابطين أمام حصن " كورتيس " على مقربة من لاردة. ثم تفاقمت الأمور على الكونت برنجير بقيام أمير تولوشة بمهاجمة مقاطعة " بروفانص " التي كانت من أقاليم قطلونية فيما وراء البرنيه، واضطر الكونت أن ينزل عن سيادة نصف الولاية، وأن يؤول سيادة النصف الآخر إذا مات أحد الشريكين دون وارث، إلى الشريك الذي بقي على الحياة.

كان الكونت برنجير يرى دائماً أن يوحد جهوده مع ملك أراجون القوي، كلما سنحت الفرص. وكان ألفونسو المحارب يؤمن من جانبه بفائدة هذا التعاون.

وقد التقى الإثنان بالفعل، واتفقا على أن يعقدا نوعاً من التحالف يكون خطوة تمهيدية لعمل اتحاد فعلى أتم وأوثق بين المملكتين. وكان لكل من المملكتين فائدة محققة من عقد مثل هذا الاتحاد. فقد كانت مملكة أراجون بالأخص مملكة برية، تعتمد في قوتها على الجيوش البرية، ومن ثم فقد كان في وسعها أن تتفرغ لمقاومة ملك قشتالة القوي ألفونسو ريمونديس، وكبح جماح أطماعه. وكانت قطلونية

<<  <  ج: ص:  >  >>