للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تعتمد بالأخص على قواتها البحرية، وكان بوسع الكونت برنجير، اعتماداً على هذه القوات، أن يؤمن مركز بلاده في البحر، وأن يقاوم في بعض الأحيان مطامع جمهورية جنوة. وفي سنة ١١٢٧ م عقد الكونت تحالفاً مع الدوق روجر (رجّار) ملك صقلية تعهد فيه بأن يمد الدوق بخمسين سفينة من أسطوله، وهو ما يدل على ما كانت تتمتع به إمارة قطلونية يومئذ، من قوى بحرية لها خطرها في تلك المياه.

ثم تطورت الحوادث، وتغير موقف قطلونية فجأة من مملكتي أراجون وقشتالة، وذلك بزواج ملك قشتالة ألفونسو ريمونديس من الأميرة برنجيلا إبنة الكونت رامون برنجير الثالث (سنة ١١٢٨ م). وقد كان لذلك أثره في تقوية مركز قطلونية من جهة، وفي علائقها بمملكة قشتالة من جهة أخرى. وكان الكونت رامون قد شاخ يومئذ، ولحقته أوصاب الشيخوخة، فجنح إلى الزهد والورع، واعتنق مبادىء فرسان المعبد (الداوية). وكان بعض أقطاب الداوية قد وفدوا قبل ذلك بقليل من المشرق إلى برشلونة ليسعوا في إنشاء فرع الجماعة في قطلونية، فرحب الكونت بمقدمهم، ومنحهم حصن " جرانينا " على مقربة من لاردة، وذلك ليعاون الفرسان في افتتاح هذه المدينة من أيدي المسلمين.

ثم توفي الكونت بعد ذلك بقليل في يوليه سنة ١١٣١، بعد أن حكم مملكة قطلونية زهاء أربعين عاماً.

وكان الكونت رامون برنجير الثالث، أعظم أمراء تلك الأسرة التي حكمت قطلونية دهراً، مذ بدأت إمارة صغيرة تضم برشلونة، وأحوازها، وفي عهده نمت قوة قطلونية البحرية نمواً عظيماً، وازدهرت تجارتها، وعم بها اليسر، والرخاء، وازدهرت بها في نفس الوقت حركة تمدنية وفكرية ملحوظة، وكانت مملكة قطلونية تضم عند وفاته، ولايات برشلونة، وفيش، ومزيسه، وجيرندة (جيرونه) وسردانية، وقرقشونة، وبروفانص، وكانت حدودها الغربية تمتد حتى ريباجورسا.

وخلفه في إمارة قطلونية وسائر ممتلكاتها، ولده الأمير رامون برنجير الرابع، ما عدا ولاية بروفانص فقد منحت لولده الثاني برنجير رامون. وكان الأمير الجديد قرين أبيه كفاية وعزماً، فسار في نفس الطريق الذي رسمه أبوه، وبدأ بأن عمل على تحقيق فكرته في إقامة جمعية فرسان المعبد (الداوية) بقطلونية، وتقرر

<<  <  ج: ص:  >  >>