فحدث، حسبما تقصه علينا الرواية النصرانية، أن الجنود المرابطية حينما وصلت في طريقها إلى ظاهر طليطلة، أن أطلت عليها الملكة برنجيلا ووصيفاتها من شرفة القصر، وبعثت إلى ابن غانية رسولا، يؤنبه بلسانها على أنه يحاول أن يهاجم مكاناً تدافع عنه امرأة، في حين أن القوات القشتالية تنتظره بقيادة الإمبراطور عند حصن أوريخا، فارتد القواد المسلمون أمام هذا التأنيب، ولم يقوموا بأية محاولة لإزعاج القشتاليين، وسقط حصن أوريخا في يد الإمبراطور بالأمان، وذلك كله حسبما فصلناه من قبل في موضعه. ولم تشر الرواية الإسلامية إلى هذا الحادث الذي يتسم بالفروسية، بيد أنها تضع حصار حصن أوريخا وسقوطه في سنة ٥٢٥ هـ (١١٣٠ م)، بينما تضعه الرواية النصرانية، في سنة ١١٣٧ م، أو سنة ١١٣٩ م (١).
وكانت الخطوة التالية تفاهم ألفونسو ريمونديس وصهره رامون برنجير الرابع أمير قطلونية وأراجون، على الإيقاع بمملكة نافارا. وعقد الملكان اتفاقاً بهذا الشأن في كريون، يقضي بتحالفهما على محاربة غرسية راميريس، واقتسام أراضي نافارا، وأن يختص ملك قشتالة بولاية ريوخا وكل الأراضي الواقعة شرقي نهر إيبرو، وهي التي كان يملكها جده ألفونسو السادس، وأن يستولي أمير قطلونية على سائر أراضي أراجون، التي كان يملكها سانشو وبيدرو ملكا أراجون من قبل. أما منطقة بنبلونة فإن القيصر يستولي على ثلثها، ويستولي رامون برنجير على باقيها مع اعترافه بسيادة قشتالة على هذا الجزء، على نحو ما كان عليه الشأن أيام ألفونسو السادس. وتنفيذاً لهذا الاتفاق زحف الكونت رامون بقواته على نافارا من ناحيتها الجنوبية، وزحف عليها القيصر في قواته من ناحية الشمال الغربي، ولكن غرسية راميريس ملك نافارا استطاع في كثير من الشجاعة، والبراعة، أن يرد القوات الأرجونية، أما القوات القشتالية فقد استطاعت أن تخترق نافارا، وأن تطوق عاصمتها بنبلونة، واكتفى غرسية راميريس بأن يلتزم خطة الدفاع، حتى يطيل أمد المعركة وينهك قوى خصومه. وكان غرسية راميريس أعقل من أن يغامر بالدخول في معارك حاسمة مع القوات القشتالية، فلجأ إلى رجال الدين في طلب الإنجاد بالمفاوضة وعقد الصلح، وعاون في اتخاذ
(١) Lafuente: ibid ; T. III. p. ٢٢٨ - Ibars: Valencia Arabe p. ٤٨٢ - ٤٨٤ وراجع ما سبق أن أوردناه عن هذا الحادث (ص ١٥١ من هذا الكتاب).