أمثال ابن حمدين، وابن هود، ثم قدم عونه لزعيم المرابطين ابن غانية، حينما علم بعبور الموحدين إلى الأندلس، وعاونه على الاحتفاظ بسلطانه على قرطبة، ووصل الأمر بعد ذلك إلى أن احتل القيصر عاصمة الخلافة القديمة لأمد قصير، وذلك كله حسبما فصلناه من قبل في موضعه.
وكانت أعظم ضربة نزلت بالأندلس يومئذ، واشترك فيها القيصر ألفونسو ريمونديس، افتتاح ثغر ألمرية العظيم، على يد الحملة الصليبية البرية والبحرية التي اشتركت في تجهيزها ممالك اسبانيا النصرانية، قشتالة ونافارا وأراجون ومعها جنوة وبيزة، ونجحت خلال الاضطراب العام الذي أصاب الأندلس يومئذ، في الاستيلاء على ألمرية، وذلك في شهر أكتوبر سنة ١١٤٧ م (٥٤٢ هـ)، وقد بقي الثغر الإسلامي في أيدي النصارى عشرة أعوام كاملة، وكانت للقيصر وحاميته القشتالية فيه اليد العليا، حتى افتتحه الموحدون في أواخر سنة ١١٥٧ م.
ونكبت الأندلس في نفس الوقت بفقد قواعدها الباقية في الثغر الأعلى.
واستولت عليها كذلك حملة صليبية من جنود قطلونية وأراجون وبيزة وجنوة بقيادة الكونت رامون برنجير الرابع أمير برشلونة، فاستولت أولا على ثغر طرطوشة، وذلك في آخر سنة ١١٤٨ م (شعبان ٥٤٣ هـ)، ثم استولت على مدينة لاردة في أكتوبر من العام التالي (٥٤٤ هـ)، واستولت كذلك، على إفراغة، ومكناسة وبذلك انتهت سيادة المسلمين في الثغر الأعلى، وقد سبق أن تناولنا هذه الحوادث كلها تفصيلا.
وانتهز غرسية راميريس ملك نافارا فرصة انشغال خصمه القديم الكونت رامون بافتتاح قواعد الثغر الأعلى، فغزا ولايات أراجون المجاورة. وتفسر لنا الرواية النصرانية سر هذا العدوان بقولها إن غرسية كان يرمي إلى إرغام الكونت على أن يتزوج من ابنته بلانكا، وأن يجعل ذلك شرطاً لعقد السلام بين أراجون ونافارا، وذلك بالرغم من أن دونيا بلانكا كان قد تقرر زواجها من سانشو ولي عهد قشتالة، وأن الكونت رامون كان قد عقد زواجه التمهيدي بالأميرة الطفلة بترونيلا ابنة الملك الراهب راميرو، وقد اضطر الكونت رامون أن يشتري سلام بلاده بالخضوع لهذه الرغبة، وأن يتعهد في معاهدة الصلح التي عقدت بأن يتزوج من إبنة ملك نافارا (يوليه سنة ١١٤٩ م). بيد أنه ما كاد يشعر بانقشاع الخطر عن أراجون، حتى هرع إلى الكنيسة يجثو أمام هيكلها مع عروسه