للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إلى بلاده، وقد حطم هذا الفشل الأخير قواه المعنوية. وفي طريق العودة أصابته حمى شديدة، فاضطر إلى التوقف في مكان بالقرب من بلدة مورتلة (موردال)، وهنالك تلقى القداس، وأسلم الروح، وذلك في ٢١ أغسطس سنة ١١٥٧ م، وهو في سن الحادية والخمسين.

وكان القيصر ألفونسو ريمونديس، أو ألفونسو السابع، أو ألفونسو الثامن إذا اعتبرنا أن ألفونسو المحارب ملك أراجون، كان أيضاً وقت زواجه بالملكة أوراكا ملكاً لقشتالة، من أعظم ملوك اسبانيا النصرانية، وكان هو أول ذلك الثبت الحافل من ملوك قشتالة، الذين ينتمون إلى الأسرة البرجونية الملوكية، الذين حكموا قشتالة حتى القرن الخامس عشر. وكان يتسم بكثير من الحزم والقوة، وقد أمدته التجارب القاسية التي شهدها خلال صباه، أيام الخصومات والحروب الأهلية التي اضطرمت بين أمه أوراكا وزوجها ألفونسو المحارب من جهة، وبين أمه وبين الأشراف الخوارج من جهة أخرى، بكثير من الخبرة والمقدرة على معالجة شئون الملك، والذود عن العرش، ومن ثم فقد استطاع أن يقمع ثورات الأشراف الخارجين، وأن يحد من سلطانهم ونزعاتهم الثورية، واستطاع منذ وفاة ألفونسو المحارب أن يحتل السيادة والصدارة بين ملوك اسبانيا النصرانية. وقد رأينا كيف كان ألفونسو ريمونديس، يعلق على صفة الإمبراطورية نتائج ضخمة، وبالرغم من أن هذه الصفة لم يكن لها بالنسبة لباقي ممالك اسبانيا النصرانية سوى طابع أدبي، فإنه كان يحرص على سلطانه كإمبراطور، وكان (وفقاً لقول النقد الإسباني) " يحلم بإمبراطورية حقيقية، تشتمل على كل إمكانيات التوسع الإسباني، وكل العوامل التاريخية للوطن الإسباني، وتمتد جذورها إلى تراث العالم الروماني، وإلى وحدة العرش القوطي، وكان منذ اتشح بالثوب الإمبراطوري في سنة ١١٣٥ م، يسير وفق برنامج مدروس راسخ، وكان هذا البرنامج يقوم على شقين، الأول الإصلاح الداخلي في الناحيتين الإدارية والقضائية، والثاني، وهو الناحية السياسية الخارجية يقوم على المحافظة على سمعة الإمبراطورية، بكافة الوسائل السلمية والعسكرية ".

" وغاية هذا البرنامج النهائية، هو الهجوم العام على الإسلام، وكان الاندفاع نحو فتوح الاسترداد Reconquista يستمد قوته من مصادر كثيرة، من نفس النظرية الإمبراطورية، ومن توحيد مختلف الأراضي والجهود،

<<  <  ج: ص:  >  >>