الآمال تحطمت كلها، إذ توفي سانشو فجأة في آخر أغسطس سنة ١١٥٨ م، بعد أن حكم عاماً فقط، ولم يترك لوراثة عرشه سوى طفل في الثالثة من عمره، هو ألفونسو الذي لقب فيما بعد بالنبيل، واختار في وصيته للولاية على ولده والقيام بمهام الحكم، مؤدبه الكونت جوتيرو فرنانديث سليل أسرة كاسترو القوية، وكان لهذا الاختيار أثره في مجتمع الأشراف، وفي اضطرام المنافسة بين أسرة كاسترو، وخصيماتها من الأسر الشريفة، وعلى رأسها أسرة لارا، وقد كانت تضارع آل كاسترو، قوة وعصبية ومحتداً.
سخطت أسرة لارا لما خصت به أسرة كاسترو من الوصاية على الملك الطفل، وخشي الكونت جوتيرو عاقبة سخطها ووعيدها، فعهد بتربية الملك الطفل إلى الكونت غرسية دي آنيا قريب آل لارا، والمتصل بهم بأوثق الصلات، وذلك كوسيلة لتجنب الخصام والمحافظة على السلم، ولكن غرسية ما لبث أن برم بهذه التبعة الثقيلة، فسلم الطفل إلى الكونت ألمانريش كبير آل لارا، فثار الكونت جوتيرو لهذا التصرف، وأصر أن يعاد إليه الطفل، وهدد بالحرب، ولكنه لم يلبث أن توفي، فتابع أبناء أخيه المطالبة، وأصروا على استعادة الملك الطفل استناداً إلى الوصية الملكية، فلما أصر آل لارا على موقفهم، لجأ آل كاستروا إلى فرناندو ملك ليون، عم الملك الطفل، لكي يحمي ابن أخيه، فسار ملك ليون في الحال إلى قشتالة في جيش ضخم، واحتل معظم قواعدها، وأعلن أنه يتولى الحكم والوصاية على ابن أخيه، واعترف بطاعته معظم الشعب القشتالي (سنة ١١٥٩ م).
واشتد فرناندو في مطاردة آل لارا، حتى أرغموا أخيراً على تسليم الملك الطفل. وعمد فرناندو بعد ذلك إلى اصطفاء آل كاسترو، وتجريد آل لارا من أملاكهم ومناصبهم وألقابهم، وترتب على ذلك أن ثارت بين الفريقين حرب دموية، خربت فيها الضياع، وأحرقت القرى، وقاتل ملك ليون إلى جانب آل كاسترو، حتى أرغمت أسرة لارا أخيراً على التسليم، وأعلنوا أنهم يعودون إلى الطاعة، وأنهم يقسمون بالتزامها إذا أعيد إليهم الطفل الملكي قبل ذلك. واتفق الفريقان على أن يجتمع لذلك الغرض مجلس في بلدة " سُرية " يشهده آل لارا والملك فرناندو، ومعه ابن أخيه الطفل. ولكن حدث خلال انعقاد هذا المجلس، أن اختطف الطفل فارس جرىء من رجال آل لارا، وسرعان ما عمد زعماء آل لارا وفي مقدمتهم الكونت ألمانريش إلى الفرار من