المجلس دون أن يقسموا يمين الطاعة، وأدرك فرناندو، بعد فوات الوقت، ما دبره خصومه من غدر وخديعة.
ووضع آل لارا الطفل الملكي في قلعة إستبان دي جورمت المنيعة، وأذاعوا في طول البلاد، وعرضها أنهم يعملون على حماية الملك الطفل، وحماية استقلال قشتالة. من مطامع الملك فرناندو، وانضم إليهم فريق كبير من أهل قشتالة.
ومع ذلك فقد بقي التفوق إلى جانب فرناندو وأنصاره آل كاسترو، وكان يؤيده بالأخص رجال الدين، وعلى رأسهم مطران طليطلة. واستمرت هذه الحرب الأهلية بين الفريقين أعواماً، وبذل فيها آل لارا جهوداً عنيفة، وقتل زعيمهم الكونت ألمانريش في إحدى المعارك. وكان وجود الملك الطفل في أيديهم، يساعدهم على حشد الأنصار والموارد. وأخيراً رجحت كفتهم على قوات ليون، واضطر الملك فرناندو، إلى أن يطلب العون من خصميه القديمين، ملك نافارا، وملك البرتغال. وكانت الأحوال خلال ذلك تتطور في قشتالة، وأخذ الشعب يتحول عن آل كاسترو وعن قضيتهم، ويرى في بقاء ملك ليون وجنوده خطراً على استقلال البلاد. ومن جهة أخرى، فإن ملك ليون لم يحظ بالعون المنشود من محالفة البرتغال ونافارا، وزاد في متاعبه أن قامت ثورة محلية في أراضي استرامادوره، وثارت مدينتا آبلة وشلمنقة على سلطانه، وأخذ آل كاسترو في نفس الوقت يفقدون هيبتهم ونفوذهم، لما ارتكبوه من عسف ومظالم.
وانتهزت أسرة لارا فرصة هذا التحول، فسارت في أنصارها إلى طليطلة عاصمة قشتالة، واستولت عليها عنوة، ونادت بقيام حكم الملك الطفل ألفونسو، وكان قد بلغ عندئذ الحادية عشرة من عمره، ودعت جميع القشتاليين إلى الالتفاف حول الملك الشرعي، ومقاومة الليونيين وآل كاسترو. وكان ذلك في سنة ١١٦٦ م.
واتجهت قشتالة كلها عندئذ إلى تأييد ملكها الصبي، الذي لقب بألفونسو النبيل، واستأثر آل لارا بجميع السلطات، وتحول رجال الدين أخيراً عن ملك ليون، ليؤيدوا الملك الشرعي، وعقدت قشتالة الهدنة مع نافارا، وعقدت حلفاً مع أراجون. وأيقن فرناندو ملك ليون أخيراً أنه لا أمل في مثل هذا الموقف وآثر أن ينسحب من أراضي قشتالة، وأن يترك حلفاءه آل كاسترو لمصيرهم، واضطر آل كاسترو عندئذ إلى مغادرة قشتالة، والالتجاء إلى أراضي المسلمين، وهنالك أخذوا يرقبون الفرص للعودة والانتقام، وأسدل الستار بذلك مدى