للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حين على صراع هاتين الأسرتين القشتاليتين الكبيرتين (١).

٦ - قيام جماعات الفرسان الدينية

وقد امتاز هذا العصر - النصف الأول من القرن الثاني عشر - وهو عصر ألفونسو المحارب، وألفونسو ريمونديس، بظهور قوة جديدة في ميدان الصراع بين اسبانيا النصرانية واسبانيا المسلمة، هي جماعات الفرسان الدينية.

وكانت هذه الجماعات قد ظهرت في المشرق على أثر اضطرام الحروب الصليبية، وسقوط بيت المقدس في أيدي الفرنج الصليبيين، وظهرت طلائعها في اسبانيا، في عصر ألفونسو المحارب. وكانت أول جماعة قامت في أراجون من هذا النوع هي جمعية الفرسان الدينية التي أنشأها ألفونسو المحارب في سنة ١١٢٠ م، على أثر موقعة كتندة، في قلعة " مونريال " على مقربة من دروقة، وظهر فرسان الداوية أو فرسان المعبد بعد ذلك في إمارة برشلونة، وشجعهم أميرها الكونت رامون برنجير الثالث على القيام في مملكته، ومنحهم حصن " جرانيينا " على مقربة من لاردة، ليكون مقراً لهم، ثم انتظم في سلكهم قبيل وفاته في سنة ١١٣١ م.

ولما توفي ألفونسو المحارب، خص فرسان المعبد في وصيته بثلث مملكته، باعتبارهم حماة النصرانية في بيت المقدس، كما خص فرسان الأسبتارية، كذلك بنصيب آخر من مملكته. وقد رأينا فيما تقدم كيف رفض الشعب الأرجوني أن ينفذ هذه الوصية حرصاً على سلامة الوطن الأرجوني. وقد رأى الفرسان أنفسهم استحالة تنفيذ مثل هذه الوصية، لأنها مسألة لا تحل إلا بقوة السلاح، ومن ثم فقد نبذوا باختيارهم هذه الحقوق، واكتفوا بالمطالبة، بأن يعوضوا عنها بما يعاونهم على الاستقرار، وتأدية مهمتهم في حماية الدين. ومن ثم فقد رأى أمير أراجون فيما بعد الكونت رامون برنجير الرابع، تعويضاً لفرسان المعبد (الداوية) أن يمنحهم عدة حصون في أراجون ومنتشون وكلامير وغيرها مع ما يلزم لها من المرافق والغلات التي تساعدهم على العيش، وكذلك حصل الفرسان على حق الإعفاء من الخضوع لقضاء الملك، وعلى أن يعطوا نصيباً معيناً في المدن التي انتزعت من المسلمين مثل وشقة وبربشتر وسرقسطة، وقلعة أيوب وغيرها، وفي مقابل ذلك يتعهد الفرسان بأن يكرسوا حياتهم لحماية النصرانية في تلك


(١) M. Lafuente: ibid ; Vol. III. p. ٣٢١ - ٣٢٤

<<  <  ج: ص:  >  >>