للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الأنحاء، وتم هذا الاتفاق في اجتماع عقد في مدينة جيرنده (١) في سنة ١١٤٣ م، وشهده مندوب من البابا، وكثير من الأساقفة وأشراف أراجون وقطلونية.

وهكذا تم لجمعية فرسان المعبد الشهيرة أن تستقر في أراجون وقطلونية.

وسرعان ما نمت واشتد ساعدها، وظهرت أهمية العون الذي يبذله أعضاؤها في محاربة المسلمين، ولاسيما في الدفاع عن القواعد والحصون الواقعة على الحدود.

وألفى هذا المثل صداه في قشتالة، عقب وفاة القيصر ألفونسو ريمونديس، وقيام ولده سانشو. وكانت قلعة رباح، في مقدمة هذه المعاقل الأمامية التي تحمى مداخل قشتالة، وكانت فضلا عن أهميتها الدفاعية، تسيطر على مقاطعة جيان الأندلسية، وكان ألفونسو السابع قد عهد بالدفاع عنها إلى فرسان الداوية، وكانت القوات الموحدية تزحف على هذه القلعة من آن لآخر وترهقها بهجماتها العنيفة. ولما استولى الموحدون على ألمرية، جددوا هجومهم في سنة ١١٥٨ م على قلعة رباح، ولم يستطع فرسان الداوية إنقاذها من السقوط الا بشق الأنفس، فلما أيقنوا بعجزهم عن القيام بمهمتهم الفادحة، غادروا القلعة وسلموها إلى سانشو ملك قشتالة، ليعني هو بأمر الدفاع عنها. وألفى سانشو نفسه في مأزق حرج. وكان ثمة في طليطلة راهب ورع هو ريموندو أو رامون رئيس دير فتيرو، ومعه راهب ورع من أسرة نبيلة يدعى ديجو بلاسكيث، وكان فارساً مقداماً ظهر في ميدان الحرب، فتقدم الراهبان إلى الملك سانشو، بأن يعهد إليهما بمهمة الدفاع عن قلعة رباح، فأجابهما الملك إلى ما طلبا. وأيد مشروعهما يوحنا مطران طليطلة، وألقى عظات وعد فيها بالغفران لكل من يتقدم للدفاع عن القلعة، فلم يمض سوى قليل حتى استطاع الراهب ريموندو أن يجمع حوله في قلعة رباح عشرين ألف مقاتل، وأمده كثيرون ممن لم يشتركوا في الدفاع بالخيل والدواب والمال. وكان لهذه الحركة القوية أثرها في رد الموحدين عن مهاجمة القلعة. وفي الحال رأى الراهب رامون أن يؤلف من أولئك الذين يرغبون أن يكرسوا حياتهم للدفاع عن النصرانية جمعية من الإخوة. وهكذا قامت جمعية " فرسان قلعة رباح " (سنة ١١٦١ م).

وانتخب الراهب ريموندو أول رئيس لها، وصادق البابا على قيامها، وطبقت عليها النظم الحربية، وأخذت تنمو باضطراد، وتؤدي مهمتها في مدافعة المسلمين بهمة وحماسة. ولما توفي أستاذ الجمعية الأول، ريموندو دي فتيرو في سنة ١١٦٣ م


(١) هي بالإسبانية Gerona، وهي تقع شمال شرقي برشلونة على مقربة من البرنيه.

<<  <  ج: ص:  >  >>