خيلا وبغالا وسلاحاً ومالا، ودروعاً، أكلّهم حملها، وأثقلهم جملها، فساءت ملبساً وصارت محبساً، فطرحوها كأنهم منحوها، وألقوها كأنهم أعطوها، احتزناها نهباً، وأخذناها كأن لم تكن غصباً، لقطة ولا نكر، وعطية ولغيرهم شكر، ثم أمرت بجمع الرؤوس، فاحتزت الدانية وزهد في جمع النائية، فكان مبلغها نيفاً على ثلاثة آلاف منهم غرسية أرذونش والقومط وقواد بلاد طليطلة، وأكابر منهم لم يكمل الآن البحث عنهم، وكانت كالهضب الجسيم، بل الطود العظيم، وأذن عليها المؤذنون، يوحدون الله ويكبرون، فلما جاء نصر الله، ووهب لنا فتح الله، شكرنا مولى النعم ومُسديها، ومُعيد المنن ومُهديها، وصدرت غانماً، وأبت سالماً، وبقى القائدان محاصرين لحصن أقليش آخذين بمخنّقهم، مستولين على رمقهم.
فخاطبت أمير المسلمين أدام الله سروره، ووصل حبوره، معلماً بالأمر، مهنياً بالنصر، لنحمد الله عز وجل، على ما وهب، ونشكره على ما سنى وسبب، والله يتكفل بالمزيد ويشفع القديم بالجديد، ويمن بالظفر والتأييد، فهو ولي الامتنان، والملبي الفضل والإحسان، لا رب غيره ولا معبود سواه.
٣
رسالة
كتب بها قاضي سرقسطة والجمهور فيها إلى الأمير أبى الطاهر تميم بن يوسف بن تاشفين حين حاصرها ابن رذمير واستغلبها أعادها الله
(منقولة عن المخطوط رقم ٤٨٨ الغزيري المحفوظ بمكتبة الإسكوريال لوحة ٥٥ أ - ٦١ ب).
من ملتزمي طاعة سلطانه، ومستنجديه على أعداء الله، ثابت بن عبد الله، وجماعة سرقسطة من الجمل فيها من عباد الله.
أطال الله بقاء الأمير الأجل، الرفيع القدر والمحل، لحرم الإسلام يمنعه، ومن كرب عظيم على المسلمين، يزيحه عنهم ويدفعه.
كتابنا أيدك الله بتقواه، ووفقك لاشترا دار حسناه، بمجاهدة عداه، يوم الثلاثاء السابع عشر من الشهر المبارك شعبان، عن حال قد عظم بلاؤها، وادلهمت ضراؤها، فنحن في كرب عظيم، وجهد أليم، قد حل العزا والخطب،