للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأظلنا الهلاك والعطب، فياغوثاه، ثم ياغوثاه إلى الله، دعوة من دعاه، وأمله لدفع الضرر ورجاه، سبحانه المرجو عند الشدائد، الجميل الكرم والعوايد، ويالله، وياللإسلام، لقد انتهك حماه، وفضت عراه، وبلغ المأمول من بيضته عداه، ويا حسرتا على حضرة قد أشفت على شفي الهلاك، طالما عمرت بالإيمان، وازدهت بإقامة الصلوات وتلاوة القرآن، ترجع مراتع للصلبان، ومشاهد ذميمة لعبدة الأوثان، ويا ويلاه على مسجد جامعها المكرم، وقد كان مأنوساً بتلاوة القرآن المعظم، تطؤه الكفرة الفساق بذميم أقدامها، ويؤملون أن يدنسوه بقبيح آثامها، ويعمروه بعبادة أصنامها، ويتخذوه معاطن لخنازيرها، ومواطن لخماراتها ومواخيرها، تم يا حسرتاه على نسوة مكنونات عذارى، يعدن في أوثاق الأسارى، وعلى رجال أضحوا حيارى، بل هم سكارى، وما هم بسكارى، ولاكن الكرب الذي دهمهم شديد، والضر الذي مسهم عظيم جهيد، من حذرهم على بنيات قد كن من الستر نجيان الوجوه، أن يروا فيهن السوء والمكروه، وقد كن لا يبدون للنظار، فالآن حان أن يبرزن إلى الكفار، وعلى صبية أطفال قد كانوا نشئوا في حجور الإيمان، يصيرون في عبيد الأوثان، أهل الكفر وأصحاب الشيطان، فما ظنك أيها الأمير بمن يلوذ به بعد الله الجمهور، بأمة هي وقايد هذه العظام الفادحة، والنوائب الكالحة، هو المطالب بدمايها، إذا أسلمها في آخر ذمايها، وتركها أغراضاً لأعدايها، حين أحجم عن لقايها، فإلى الله بك المشتكا، ثم إلى رسوله المصطفى، ثم إلى ولي عهده أمير المسلمين المرتضي، حين ابتعثك بأجناده، وأمدك بالجم الغفير من أعداده، نادباً لك، إلى مقارعة العدو المحاصر لها وجهاده، والذب عن أوليائه المعتصمين بحبل طاعته، والمتحملين السبعة الأشهر الشدايد الهايلة في جنب موالاته ومشايعته، من أمة قد نهكهم ألم الجوع، وبلغ المدى بهم من الضر الوجيع، قد برح بهم الحصار، وقعدت عن نصرتهم الأنصار، فترى الأطفال بل الرجال جوّعاً يجرون، يلوذون برحمة الله ويستغيثون، ويتمنون مقدمك بل يتضرعون، حتى كأنك قلت أخسئوا فيها ولا تكلمون. وما كان إلا أن وصلت وصل الله برك بتقواه، على مقربة من هذه الحضرة، ونحن نأمل منك بحول الله أسباب النصرة، بتلك العساكر التي أقر العيون بهاؤها، وسر النفوس زهاؤها، فسرعان ما انثنيت وما انتهيت، وارعويت، وما أدنيت، خايباً عن اللقاء، ناكصاً على عقبيك عن الأعداء.

<<  <  ج: ص:  >  >>