للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فما أوليتنا غناء، بل زدتنا بلاء وعلى الداء داء، بل أدواء، وتناهت بنا الحال جهداً والتواء، بل أذللت الإسلام والمسلمين، واجترأت فضيحة الدنيا والدين، فيالله ويا للإسلام، لقد اهتضم حرمه وحماه أشد الاهتضام، إذ أحجمت أنصاره عن إعزازه أقبح الإحجام، ونكصت عن لقاء عدوه وهو في فئة قليلة، ولمة رذيلة، وطايفة كليلة، يستنصر بالصلبان، والأصنام، وأنتم تستنصرون بشعار الإسلام، وكلمة الله هي العليا ويده الطولا، وكلمة الذين كفروا السفلى، وإن من وهن الإيمان، وأشد الضعف، الفرار عن الضِّعف، فكيف عن أقل من النصف، فيا قبح من رضى بالصغار وسما خطة الخسف، فما هذا الجبن والفزع، وما هذا الهلع والجزع، بل ما هذا العار. والضيع، أتحسبون يا معشر المرابطين، وإخواننا في ذات الله المؤمنين، إن سبق على سرقسطة القدر، بما يتوقع منه المكروه والحذر، أنكم تبلغون بعدها ريقاً، وتجدون في ساير بلاد الأندلس عصمها الله، مسلكاً من النجاة أو طريقاً، كلا والله ليسومنكم الكفار عنها جلاء وفراراً، وليخرجنّكم منها داراً فداراً، فسرقسطة حرسها الله، هي السد الذي إن فتق، فتقت بعده أسداد، والبلد الذي إن استبيح لأعداء الله، استبيحت له أقطار وبلاد، فالآن أيها الأمير الأجل، هذه أبواب الجنة قد فتحت، وأعلام الفتح قد طلعت، فالمنية ولا الدنية، والنار ولا العار، فأين النفوس الأبية، وأين الأنفة والحمية، وأين الهمم المرابطية، فلتقدح عن زنادها بانتضاء حدها، وامتضاء جدها واجتهادها، وملاقاة أعداء الله وجهادها، فإن حزب الله هم الغالبون، وقد ضمن تعالى لمن يجاهد في سبيله أن ينصره، ولمن حامى عن دينه أن يؤيده ويظهره، فما هذا أيها الأمير الأجل، ألا ترغب في رضوانه، واشترا جنانه، بمقارعة حزب شيطانه، والدفاع عن أهل إيمانه، فاستعن بالله على عدوه وحربه، واعمد ببصيرة في ذات الله إلى إخوان الشيطان وحزبه، فإنهم أغراض للمنايا والحتوف، ونهر للرماح والسيوف، ولا ترض بخطة العار، وسوء الذكر والصيت في جميع الأمصار. ولا تك كمن قيل فيه:

يجمع الجيش ذا الألوف ويغزوا ... ولا يرزأ من العدو فتيلا

ولن يسعك عند الله، ولا عند مؤمن، عذر في التأخر والارعواء عن مناجزة الكفار والأعداء. وكتابنا هذا أيها الأمير الأجل، اعتذار تقوم لنا به الحجة في جميع البلاد، وعند ساير العباد، في إسلامكم إيانا، إلى أهل الكفر والإلحاد،

<<  <  ج: ص:  >  >>