موجهة من أمير المسلمين تاشفين بن علي بن يوسف إلى الفقهاء والوزراء والأخيار والكافة ببلنسية
(منقولة عن المخطوط رقم ٥٣٨ إسكوريال السابق ذكره لوحة ١١ أ - ١٢ ب).
" بسم الله الرحمن الرحيم صلى الله على محمد وآله وسلم تسليماً. من أمير المسلمين وناصر الدين تاشفين بن علي بن يوسف بن تاشفين.
إلى وليه في الله تعالى، الأعز الأكرم الأحظى في ذات الله لديه، أبى زكريا يحيى بن علي، والفقيه القاضي أبى محمد بن جحاف، وساير الفقهاء والوزراء والأخيار والصلحاء، والكافة ببلنسية، حرسها الله، وأدام كرامتهم بتقواه.
سلام مبرور كريم، مردد عميم على جميعكم، ورحمت الله وبركاته، وبعد.
فإن كتابنا إليكم، كتبكم الله ممن آثر الحق واتبع سننه، وادّرع الحزم ولبس جننه، وسمع القول واتبع أحسنه، وحافظ على كتاب الله الذي يسره للذكرى وبينه، وجعلنا وإياكم ممن جمّله بتقواه وزينه، من مناخنا بكرنطة، في العشر الأول من جمادى الأولى سنة ثمان وثلاثين وخمس مائة، وبحمد الله من صحيفتنا هذه صدرها الأكرم، وكل قول فبعده يترتب ويتنظم. وقد جاء في الآثار: كل كلام لا يبدأ فيه بذكر الله فهو أجذم.
وبعد أن نستوفي واجب الحمد والشكر، ونذكر نعمه السابغة، علينا أجل الذكر، فنسأل الله توفيقاً قايداً إلى الرشد، وقوة على طاعته نحمل بها من تلزمنا رعايته، على المنهج الأفضل والسنن الأحمد، ونستعيذه من قلب لا يخشع ودعاء لا يسمع، وموعظة لا تنفع، وسجية لا تطاع، وهواً يتبع، ونصلي على محمد نبيه ورسوله الذي طهره تطهيراً، وأرسله رحمة للعالمين بشيراً ونذيراً، وداعياً إلى الله بإذنه وسراجاً منيراً، فبلغ رسالة ربه وهداه، وصبر على مشقة البلاغ وأذاه، ولم يخش أحداً إلا الله الذي رجاه، إلى أن بلغ الكتاب أجله والدين مداه، وانتهى ملك أمته إلى ما كان الله له زَواه، صلى الله عليه وعلى صحبه الذين ذبوا عن هذا الدين وحموا حماه، ووالوا من والاه، وعادوا من عاداه.