الذي بثبوته تعمر البلاد، وتتوفر الأجناد، ويتمكن الرباط في سبيل الله والجهاد، وليعلم أن العدل يقسطها، والجور يسخطها، وقلة المساواة تشتتها وتقنطها.
ولا سبيل أن يستعمل عليها إلا من يستَثَق جانبه وتحسن الأحدوثة عنه. وأن ظهر أحد منهم بنظر جميل فيه، وكان في نفسه ما يخفيه، فالبدار البدار إلى عزله وعقابه والتشديد فيما نأمر به.
واعلموا، رحمكم الله، أن مدار الفتيا ومجرى الأحكام والشورى، في الحضر والبُدا، على ما اتفق عليه السلف الصالح، رحمهم الله، من الاقتصار على مذهب ْإمام دار الهجرة أبى عبد الله مالك بن أنس، رضي الله عنه، فلا عدول لقاض ولا مُفت عن مذهبه، ولا يأخذ في تحليل ولا تحريم إلا به، ومن حاد عن رأيه بفتواه، ومال من الأئمة إلى سواه، فقد ركب رأسه واتبع هواه، ومتى عثرتم على كتاب بدعة، أو صاحب بدعة فإياكم وإياه، وخاصة وفقكم الله، كتب أبى حامد الغزالي، فليتتبع أثرها، وليقطع بالحرق المتتابع خبرها، ويبحث عليها، وتغلظ الإيمان من يتهم بكتمانها.
والخمر، نزهكم الله عن خبايث الأمور، التي هي جماع الإثم والفجور، والباب المفضي إلى سواكن الفسق والشرور، فاجتهدوا في شأنها، وأوعزوا في جميع جهاتكم بإراقة دنانها، فقد جاء عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال:" لعن الله الخمر وعاصرها وحاملها والمحمولة إليه ".
وكذلك نوكد العهد فيما نوصي به دايباً، مما أوجبه الله تعالى في حقوق المسلمين من الأعشار والزكوات، والأموال المفروضة للأرزاق المسماة، فليؤخذ ما فرض الله منها في نصابها المعلوم، وعلى سنة نبيه عليه أفضل الصلاة والتسليم.
وكذلك نوكد عليكم أتم تأكيد أمر أهل الذمة ألا يتصرف أحد منهم في أمور المسلمين، لأنه من فساد الدين.
والسلام الأبر الأكرم الأخطر على جميعكم، ورحمة الله وبركاته، وعلى من هناك من المسلمين ".